أيها الأم… لا تضحي لأجل أولادك!

كثيرًا ما يتردد على ألسنة الأمهات أنهن يضحين بكثرة من أجل أولادهن متناسين أن قرار الإنجاب كان قرارهم. ولكن موضوع المقال ليس عن قرار الإنجاب بل عن الصورة المرسومة التي ينبغي للأم أن تتحلى بها حتى تأخذ شهادة الأم المثالية. هناك صورة مرسومة عند الأم والمجتمع بأن حياة الأم تصبح فقط منوطة بالأولاد بعد الإنجاب. وهذا اعتقاد خاطئ وإليكم الأسباب:

أولاً: سعادة الأم تعني سعادة الأسرة

تأكل بعد أن تتأكد أن جميع أفراد الأسرة أكلوا، تقدم حاجات أولادها على حاجاتها في المأكل والمشرب والملبس وفي العديد من الأمور الأخرى. هذا ما اعتدنا رؤيته على أمهاتنا منذ الصغر. ولكن لا يلزم أن تتخلى الأم عن كل ما ترغبه من أجل أطفالها على الدوام حتى عند ضيق الحال. فسعادة الأم تنعكس على الأسرة بالسعادة وكذلك تعاستها. كثير من الأمهات يقومون بتأجيل رغباتهم ووضع أحلامهم قيد التنفيذ حتى يكبر أولادهم أملاً في تحقيقها بذريعة الأمومة. ولكن يكبر الأولاد وكذلك أنفسهم ويصبح تحقيق الأحلام صعبًا للغاية. فكم من رحلة سفر تم إلغاؤها لأن الأم لم تستطع الافتراق عن أطفالها أو نزهة تم تأجيلها لنفس السبب. في أحيان كثيرة تحتاج الأم لأن تضع نفسها أولاً من أجل أن تقدم أكثر لأطفالها ولأسرتها.

ثانيًا: صحة الأم النفسية في الميزان

بعد مدة من التضحيات المتكررة على مدى سنين، تبدأ هذه الأم بإلقاء اللوم على أطفالها لعدم إنجاز ما كانت تريده في الحياة. تبدأ بعد فترة في النظر إلى الماضي بعين سوداء متذكرة كل الأمور التي لم تحققها. فالكثير من الآباء يقعون في هذا الأمر، فيلجؤون كنتيجة لإقحام أولادهم في دوامة وفرض أحلامهم الضائعة عليهم. وبعد فترة من التضحيات تنهار الأم وتشعر بالضغط فهي لم تعطي نفسها وقت مستقطع للراحة مما يتعبها نفسيًا. والتعب النفسي المتراكم يؤثر بشكل سلبي على الأسرة.

وجدت دراسة جديدة من مستشفى ماكماستر للأطفال أن اثنتين من كل ثلاث أمهات صغيرات (تبلغ أعمارهن 21 عامًا أو أقل) لديهن مشكلة صحية عقلية واحدة على الأقل بعد ولادة طفلهن. حيث أن 40 ٪ من الأمهات الشابات يعانين من أكثر من مشكلة صحية عقلية ، بما في ذلك الاكتئاب ومجموعة من اضطرابات القلق وفرط النشاط.[1]
أم تمارس اليوغا أثناء مراقبة طفلها

ثالثًا: هوية الأم ليست فقط بأولادها

لكل أم شخصية مستقلة بمعزل عن أولادها. ومع صعوبة فصل هوية الأم عن ما كانت عليه قبل أن تكون أم. عليها أن لا تستغني عن المكونات التي جعلت منها الشخص التي كانت تعهده قبل أن تصير أمًا. فما أجمل الأمومة وما أجمل أن يحتفظ الإنسان بما لا يفقده ذات. لذلك لا ضير أن تتابع الأم العمل بجد للتقدم في مهنتها أو أن تمارس الأنشطة التي تحبها أو الهوايات التي تزاولها أو حتى أن تحتفظ بجدول معين لأنشطتها بعيدًا عن أنشطة أولادها. الوقت الذي تعطيه لنفسها سيعطيها مساحة تفكير لحل مشاكلها وستعطي أولادها ما يحتاجوه بحب أكثر.

رابعًا: المظهر والاهتمام بالنفس

بعد ولادة الأطفال، تحتاج الأم إلى بذل مجهود كبير من أجل أن تخسر الوزن أو أن تعود إلى لياقتها البدنية السابقة. والأمهات وخصوصًا من رزقت بأكثر من طفل تهمل نفسها وتعطي جل وقتها للأطفال واضعة مظهرها وجسدها وصحتها على الرف. وهذا الأمر يسبب إحباطها مع الأيام لأن العناية الشخصية بالمظهر هي تراكمات إن لم تعطيها حقها، ستبدو بصورة أكبر من عمرها الحقيقي. قد لا تعير الأمر أهمية في بادئ الأمر ولكن مع تقدمها في العمر ستبدأ بملاحظة التغيرات التي تصاحب الكبر. لذلك بدلا من الصحوة لاحقًا على واقع أليم، تستطيع أن تضع نفسها في الصدارة دون التقصير في رعاية أطفالها بالطبع.

وفقًا للباحثين ، تشير النتائج إلى أن الجمال ، خاصة بالنسبة للنساء ، هو سلوك أكثر من كونه “شيء تفعله” وليس “شيء تكون عليه”. تميل معظم الأبحاث ومعظم الأشخاص إلى رؤية الجاذبية كصفة ثابتة وفطرية ، لكن الباحثين يقولون إنه من الأكثر دقة اعتبارها مزيجًا من السمات البيولوجية وخصائص الشخصية وممارسات الجمال. كما أشارت الدراسات أن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بالعديد من المزايا في الحياة في شتى مناحيها.[2]

خامسًا: علاقة الأم مع الشريك

تعتقد الأم أن شريكها سيقدر التضحيات التي تقدمها في سبيل الأولاد. إلا أنها تتفاجئ بأنه لا ينظر إلى الأمور بنفس منظارها. فالرجل يحب أن يرى اهتمام المرأة بنفسها ويحب أن يشعر بأن مكانه ثابت بوجود الأولاد. إعطاء وقت للحوار مع الشريك هو أمر مفصلي لاستمرار المودة والرحمة بين الزوجين. فحتى لو كانت الأم فاضلة وعجزت عن الموازنة بين الأولاد واحتياجات زوجها، فهي مقبلة على خلافات ونقاشات حادة يصعب حلها مع غياب التواصل الفعال.ولذلك لا ينبغي على الأم التضحية بالوقت الذي تقضيه مع شريكها في سبيل الأولاد. هم أحوج إلى أبوين على تفاهم ومحبة من أبوين كثيري التضحية.

المراجع

1] Mental Health Challenges Are 4 Times Higher Among Young Mothers, Study Finds, Clary Estes, 2020
2] The real reason that so many women have to spend so much time getting ready, Ana Swanson, 2016