الرابط العجيب بين أعواد تنظيف الأذن والعادات المجتمعية المتوارثة!

شاب يقوم بتنظيف أذنه أمام المرآة

من منا لا يمتلك أعواد تنظيف الأذن ضمن مجموعة العناية الشخصية؟ أعواد تنظيف الأذن غرض لا غنى عنه في كل منزل. لكن هل كنتم تعلمون بأن العديد من علب أعواد تنظيف الأذن تحوي تحذيراً من وضعها في الأذن. مؤخراً اكتشفت بأن أعواد تنظيف الأذن أو بالأحرى أعواد القطن ليست مصممة لتنظيف الأذن وإنما لتنظيف الزوايا أو إزالة المكياج والعديد من الاستخدامات الأخرى.

والأمر المثير للسخرية بأن هذه الأعواد تسبب التهابات وجروح ومضاعفات عند ادخالها في قناة الأذن. فمن المفترض أن تقوم الأذن بتنظيف نفسها بنفسها دون تدخل منا ودون إدخال أعواد القطن التي تسبب تراكم إضافي ودفع أعمق للشمع داخل الأذن بدلاً من إخراجه.

ومن مضاعفات تنظيف الأذن بعود القطن ضعف سمع مؤقت أو على المدى الطويل. وقد يحدث تورم وألم وإصابة لطبلة الأذن بالثقوب. عدى على الدوخة والغثيان والقيء جراء حدوث إصابة على هياكل الأذن الداخلية [1].

معلومة طبية: تمثل مهمة الشمع في الحفاظ على الأذن من خلال منع دخول الأوساخ كما يساعد وجود الطبقة الشمعية على جلد قناة الأذن في توفير حماية من الصدمات. لذا لا يوجد أي داعي لتنظيف الأذن من الداخل ويبقى فقط علينا إزالة الشمع الظاهر للعين. كما تساعد حركة الفك السفلي والمضغ ونمو الجلد داخل الأذن بشكل حلزوني نحو الخارج في إخراج الشمع القديم بشكل طبيعي [1].
أعواد تنظيف القطن
فرع لنبتة القطن وأعواد القطن على خلفية بيضاء

ولكن ما علاقة أعواد تنظيف الأذن بحياتنا اليومية والعادات المجتمعية؟ 

استخدامنا الخاطئ لأعواد القطن ما هو إلا مثال واحد على العادات الأخرى التي نتوارثها بدون تفكير. ماذا عن تعديل الحذاء المقلوب ظناً منا أن وجهته نحو السماء فيه شيء من الحرمة الغير مبررة والغير مذكورة في النص القرآني أو الأحاديث الشريفة. نسارع في تعديل الحذاء المقلوب دون تفكير وكأن أمراً سيئاً سيحصل إن لم نقم بتصويب وضعه على الفور. من أين جئنا بهذه الخرافات الموروثة؟ 

لماذا نستمر بتوارث عادات دون تفكير وقد ميزنا الله بالعقل دوناً عن جميع المخلوقات. لماذا نغيبه في الكثير من المسائل فبدلاً من اتباع عادات وتقاليد لا صلة لها بديننا خوفاً من آراء المحيطين بنا… فليكن لنا تعمق بالمسائل. والعادة هي القيام بشيء بشكل مستمر حتى يصبح عملاً نقوم به دون وعي أو تفكير، فكم من عادة مجتمعية أصبحنا أسرى لها؟

كمثال…

في وقت العزاء عند موت وفقدان أحد الأحبة. يجد الأشخاص أنفسهم تحت ضغط الترتيب لجنازة لائقة والتحضير لوليمة للمعزين في الوقت الذي ما يحتاجونه فعلاً هو الراحة وإلى كلمة عظم الله أجركم فقط دون أي تكاليف اجتماعية مضافة. ربما من فوائد الكورونا على البشر بأنها قامت بالتخفيف من التكاليف الزائدة المترتبة على الوفاة. 

ماذا عن تكاليف الزواج المبالغ فيها من أجل ليلة واحدة يتكبد من أجلها الزوجين قروض تسبب هموم وأعباء في بداية حياتهم الزوجية! لماذا علينا أن نكون سجناء لعادات لا صلة لها بالدين ولا تمثلنا كأفراد إرضاءاً للبشر. 

امرأة تتعرض لضغوط مجتمعية

النقطة الإيجابية…

هنا أود الاشارة بأن هنالك العديد من العادات الرائعة والتي تقرب الناس من بعضهم ولا بأس بوجودها لكن لماذا نجعلها أغلال حول أعناقنا. حتى العادات الجميلة لا تكون كذلك حين تصبح مقيدة لحريتنا وحين لا نستطيع الفرار منها. فليكن الموضوع قرارنا نحن بناءاً على رغباتنا الشخصية. 

ولكن هل هو حقاً قرارنا، للأسف الضغوط المجتمعية تقيدنا من كل جانب وعند التحرر من أبسط هذه القيود نواجه هجوماً عنيفاً من أقرب الناس إلينا دون مراعاة لمشاعرنا ووضعنا المادي. فكيف نستطيع التقليل من هذه الضغوط؟ 

عن تجربة التواصل ومستوى معين من الصراحة هو الفيصل بين الغرق في ضغوط أعمق والتحرر ولو بشكل بسيط من مسؤولية معينة يفرضها علينا المجتمع. لا تترددوا في إبداء رأيكم والإفصاح عن مشاعركم من وقت إلى آخر ولا ضير في تأجيل أمر مجتمعي من أجل راحتكم. وفي الدوائر الإجتماعية الأبعد عنكم قوموا بالمعاملة بالمثل وتصرفوا على سجيتكم بشكل متوازن، فلا داعي لعمل مجتمعي يصيبكم بدين أو امتعاض وراء بسمة مزيفة.

معلومة: الدعم المجتمعي مرتبط بزيادة هرمون الأوكسيتوسين والذي يعمل على تقليل مستوى القلق. كما يحفز الأوكسيتون الرغبة لدينا للتواصل الاجتماعي ويزيد إحساسنا بالارتباط بالأشخاص المهمين بالنسبة لنا [2].

العادات المجتمعية هي سبب لهمومنا التي تكبر معنا. التجاعيد والكبر سببه الأساسي هو التوتر والضغوطات التي نعيشها في حياتنا اليومية. لماذا علينا أن نكون شديدي المجاملة مع عائلاتنا وأحبائنا؟ أليس هؤلاء هم سندنا في هذه الدنيا.. للأسف نحن بعيدين كل البعد عن المثالية وتسكننا التزامات لم نكلف بها ونجبر على أدائها بغير طيب خاطر.  سر التباعد الإجتماعي هي تلك العادات الموروثة التي لم تعد تناسب زخم حياتنا الحالي مع كل ما نمر به من أوبئة وتطور تكنولوجي. 

والسؤال الأهم هنا بعد معرفتكم للاستخدام الحقيقي لاعواد تنظيف الأذن ، هل سوف تتوقفون عن استخدامها من أجل تلك الغاية؟ أنا وبكل صراحة أجد صعوبة في الامتناع عن ذلك، وكذلك هي العادات المجتمعية والله المستعان.

المراجع
1] موقع Webteb
https://www.webteb.com/articles/اعواد-تنظيف-الاذن_31521
2] موقع Mentalhelp
https://www.mentalhelp.net/stress/social-impact/