بين المثلية والاختلاف… هل نتقبل أطفالنا كيفكما كانوا أم نقاوم؟  

المثلية والاختلاف

في ظل الموجات المتزايدة لدعم المثليين المدعومة بأكبر الشركات في العالم. أصبحنا في حالة من الارتباك والفزع حول كيفية التعامل مع هذه الظاهرة. يدعو معظم الحقوقيين لدعم المثلين من باب تقبل الاختلاف ومن باب إدماجهم بشكل طبيعي في المجتمع. فهل المطلوب منا تقبل أطفالنا كيفكما كانوا أم نقاوم؟

اتفق الفقهاء على أن اللواط محرم، لأنه من أغلظ الفواحش، وقد ذمه الله تعالى في كتابه الكريم وعاب على فعله، فقال تعالى: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون ـ وقال تعالى: أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ـ وقد ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: لعن الله من عمل عمل قوم لوط. اهـ.[1]

المثلية و الاختلاف

 الاختلاف هي سنة الحياة ونعمة رزقنا الله لنا. فلو شاء الله لجعل بني آدم كلهم سواسية، في الشكل وفي الشخصية وفي الذكاء وفي الرزق، فالاختلاف سنة كونية. ويلجأ داعمو المثلية إلى اللجوء إلى مبدأ تقبل الآخر من باب توسعة الصدر لأطياف متعددة في المجتمع بمبدأ مشابه لتقبل الأعراق والأديان والطوائف.

ولكن ما نشهده في زمننا هو ليست المثلية المعهودة في السابق حين يشذ فيها بعض الأفراد عن الفطرة السليمة في التزاوج وتفضيل نفس الجنس لبدأ عائلة واقحام أطفال من صلبهم أو يتم تبنيهم.

 أصبح هنالك حملات ترويج بالجملة للمثلية كنمط حياة جديد، تمامًا مثلما يتم الترويج للغذاء الصحي والرياضة. وكأنه اختيار صحي وليس شذوذًا عن الأمر الطبيعي. وتتلاحق الدعوات المنتشرة لتقبلهم وتفهم ما يمرون به من مآسي ومعاناة. حتى وصلت إلى أفلام الكرتون لزرع هذه الأفكار في الأجيال الناشئة.

وليس من حق من ابتلي بالأمر، أن يدعي باسم الحرية أنه يفعل ما يشاء، من حيث المجاهرة بها، فإن كان مسلما فليستتر بمعصيته، وإن كان غير مسلم، فليحترم النظام العام للدولة، والنظام العام أمر معروف في كل دولة، وقد عرفه المختصون بأنه: (فكرة محورية يرتكز عليها أي نظام قانوني؛ إذ يقوم بضبط الإرادات الفردية والجماعية، فيحد الإرادة الفردية، كما يحد الإرادة الجمعية، بما فيها إرادة الدولة ذاتها، كي لا تبغي إحدى الإرادات على الأخرى).[2] 
المثلية والاختلاف
المثلية والاختلاف

كيف نتعامل مع الطفل المختلف؟

الطفل المختلف يجب أن يتم التعامل معه بشكل يتناسب مع طبيعة اختلافه ولا يتوجب قمعه بل فهمه. فإن كان طفل يحب أن يلبس بطريقة ما لا تتناسب مع المجتمع أو الدين أو العرف، نلجأ معه لأساليب مقنعة وذلك حفاظًا على سلامته. لأن الخروج الواضح عن المجتمع يعرض صاحبه في العديد من الأحيان للتنمر والاعتداء. لذلك نساعد الاطفال المختلفين بالوصول إلى توازن يرضي ذواتهم بما يتناغم مع المجتمع على حد سواء.

وقد ينشأ أطفالنا بطريقة ما وفقًا لما نريد ولكن خلال نموهم وتفاعلهم مع المجتمع، يطرأ عليهم تغير فكري أو ميول نحو الموسيقى أو الرياضة أو طريقة نمط حياة ما. وهذا طبيعي ويجب علينا صقل مواهبهم بما يتناسب مع الأهل والعرف والدين ولكن دون تقييد الطفل وتجريده من حقوقه وحريته. أو توجيهم لأنشطه مختلفة لكن تستهويهم لأن فرض السيطرة لن يؤدي إلى عواقب حميدة.

كيف نتعامل مع الطفل المثلي؟

هناك قلة قليلة حول العالم تتقبل الطفل المثلي دون أن تحاول ارشاده. ولكن هذا الطفل قد يكون لديه مشكلة نفسية أو مرضية وقد تكون مثليته نتيجة كبت ما أو ضغوطات معينة. فبدلاً من تقبله, الأولى محاولة تقويم وضعه بما يتناسب مع الفطرة السليمة وتعاليم الأديان السماوية.

للأهل أخطاء لا تحصى في كبت الأطفال التي تتسبب بشكل غير مباشر في انحرافهم عن الفطرة. ابتداءًا من ألعاب الاطفال فنراهم يقومون بشراء السيارات وألعاب معينة للأولاد وألعاب معينة للبنات كعدة الطبخ والباربي وغيره. ولكن لا ضير في أن يرغب الولد باللعب في ألعاب البنات والعكس صحيح. التشدد من جانب الاهل قد يحرف الطفل عن مساره الطبيعي، لأنه سيربط ماهيته الجندرية بهذه الأمور فقط. كما يربط الأهل مهام معينة بناءًا على الجنس. فارتبطت مهام البيت من غسيل الأواني واللباس والطبخ وترتيب البيت بالبنات ومهام اصلاحات المنزل والتخلص من النفايات بالأولاد. وهذا الأمر لم يأتي في الشرع وإنما متعارف عليه بين الناس. لذلك ترتبط هذه الأشياء بهوية الطفل مسببة ضغط له منذ الطفولة.

كيف نحمي أطفالنا من المثلية؟

من الأمور التي يجب على الأهل عملها لحماية أطفالهم من المثلية[4]:

  • التواصل الفعال الذي تسمح فيها لطفلك بالتعبير عن رأيه مع تقبل لما لديه من أراء دون محاولة تغييره بل توجيهه
  • الأبوة الآمنة التي يراعي فيها الأب مشاعر ابنه دون جرحه إذا بكى أو وصفه بالدلع. وتخصيص وقت لقضائه مع أطفاله لفهمهم وأن يكون متاح للتواصل الجسدي والوجداني.
  • الأمومة الآمنة التي تراعي فيها الأم استقلال أطفالها دون قمع وكبت والبعيدة عن النرجسية واضعة احتياجات أطفالها في المقدمة. كما تضع حدود واضحة في اللباس وحدود جنسية بينها وبين أطفالها وتحترم فكر أولادها بعيدًا عن السيطرة الغير مبررة.
  • توفير بيئة محبة ومساحة من الحرية المقبولة وقبول غير مشروط لا تغلغل فيه رسائل: افعل هذا الأمر لكي أحبك مثلاً، مهم جدًا لتنمية الطفل وتأسيسه بطريقة سوية.
  • والجدير بالذكر أن معظم الأهل يغفلون عن أهمية التربية الدينية التي يتم توجيه الطفل من خلالها منذ الصغر إلى العقيدة وحب الله وما المطلوب منه كعبد على هذه الدنيا من أفعال و أقوال وواجبات وتصرفات.
وبحسب نظرية العلاج الإصلاحي، فإن غرس بذور المثلية يحدث في عمر 1.5 ـ 3 سنوات، وهي مرحلة تكوّن الهوية الجنسية، حيث ينفصل الطفل الذكر نفسياً عن الأم ويتصل بالأب، كعلامة استقباله هوية الأب كقيمة آمنة ويتحرّك للتشكل حولها. والفشل التام لهذه المرحلة ينتج عنه اضطراب الهوية الجنسية Gender Identity disorder، بينما ارتكاس الميول الجنسية Homosexuality يعني أن هذه المرحلة بدأت في المسار الصحيح ثم أجهضت.

هل هنالك علاج للمثلية؟

يقول د. نيكولاس كامينجس Nicolas Cummings، الرئيس السابق للجمعية النفسية الأميركية APA: “لم أر واحدا ولا أثنين ولا ثلاثة، بل المئات الذين تمكنوا من التغيير، ومارسوا حياة سويّة سعيدة”.[3]
إن لفظة “تغيير” ليست دقيقة، فإن نوازع السلوك البشري متواجدة في كافة البشر، وبحسب سلوكياتنا، فإننا نقوي أو نثبط النوازع المرغوبة أو المرفوضة، ولذلك فالمصطلح الأدق هو “استعدال” الميول. وبحسب دراسة سبيتزر، وآراء غيره من المختصين وشهادات الواقع، فإن الميول الجنسية ليست صلبة، وإنما قابلة للتغيير تبعاً لنمط الحياة والسلوك المتبع.[3]

تقبل وفهم أي مشكلة هو الخطوة الأولى للعلاج. لذلك مهما بلغت عصبيتنا ورغبتنا في إيذاء أطفالنا فلن نصل إلى أي مكان بهذه الطريقة. كما قد تكون تصرفاتنا وطريقة معاملتنا لأطفالنا سبب في الوصول إلى هذه المرحلة التي فقدنا فيها السيطرة. شئنا أم أبينا نحن على مشارف عالم جديد ورؤية مختلفة ودورنا كأهل هو رفض الأفكار التي تتعارض مع الدين ولكن مع فهم عميق للمشكلة بعيدًا عن الإنكار. لأن المثلية ستصبح واقع في مجتمعنا ويجب حماية أطفالنا من المروجين لهذا النمط الجديد. 

المراجع

1] الشذوذ الجنسي وأحكامه ومدى اعتباره مرضا نفسيا , اسلام ويب، 2015
2]  فكرة النظام العام في النظرية والتطبيق للدكتور عماد طارق البشري ص: 101. وميراث الاستبداد للدكتور إبراهيم البيومي غانم ص: 1
3] كيف يتم تصحيح الميول المثلية؟,شهاب الدين الهواري, 2020
4] كيف تحمي طفلك من الميول المثلية؟, شهاب الدين الهواري, 2019