تقنية تشات جي بي تي يهدد قيمة الباحث العلمي

تشات جي بي تي

نحن- دون وعي منا-  نشهد تغيير العالم كما نعرفه الكترونياَ. حيث أن سيادة تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي الحاصل حاليًا سيعيد ترتيب المشهد المعرفي للتكنولوجيا. كما يتم استخدامها في عديد من التطبيقات وأولها البحوث العلمية. فهل أصالة ونزاهة الباحث العلمي في خطر؟

ما هو ال “تشات جي بي تي”؟

بالرغم من أن دردشة الروبوت أو ما يعرف بالرد الاَلي تشاتبوت ليس فكرة جديدة. إلا أنّ اضافة الذكاء الاصطناعي له  قلب موازين اللعبة. حيث طوّرت شركة اوبن ايه اي هذه التقنية ونشرتها للاستخدام المجاني في تشرين الماضي/نوفمبر .حيث جذبت 2 مليون مستخدم عالمياَ

إنه عبارة عن برنامج يجيب عن أسئلة المستخدمين بدقة وبشكل مفصل كما لو كان حوارًا بين بشريين وليس ردًا اَليًا. كما اعتبره البعض محرك البحث الجديد بديل جوجل. وأهم ما يميزه أنه سريع التعلم حيث أن الكم الهائل من البيانات المخلة .لخوارزميات هذه التقنية تحلل وتحفظ ويطور عليهم مع تكرار الحوار. وذلك لتصبح أكثر ذكاء وأقرب في مخرجاتها إلى الدماغ البشري

ماذا يميز هذه التقنية ولماذا تهدد الباحث العلمي؟

تتحد أهم ثلاث علوم حاسوبية وهي رؤية الكومبيوتر وتعلم الالة ومعالجة اللغة الطبيعية معًا لإكساب التشات جي بي تي قدرته الفائقة والفورية. وذلك بإنتاج محتوى أصيل من الألف إلى الياء خالي من الاقتباس من مصادر أخرى , تصل إلى كتابة بحوث علمية .قابلة للنشر في أي مجال تحدده له بشكل محترف

مما يضع نزاهة الباحث المتبني لهذه البحوث تحت المجهر، كما بخلق نوع من الاتكالية التي بدورها ستؤثر سلبًا على قيمة البحث العلمي والتشكيك بأصالته وشفافيته.

المعايير الثلاث لتقييم وفحص الملخصات

بادرت مجموعة من جامعة نورث وسترن الأمريكية بكتابة 50 ملخص بحثي في مجال الطب باستخدام تشات جي بي تي وإرسالها لمجلات علمية ذات وزن ومسؤولية مثل بي ام جاي, لانست ومجلة ناتشر الطبية.

حيث قامت هذه المجلات باستخدام 3 معايير لتقييم وفحص الملخصات.

  • وأولها فحص نسبة الاقتباس وهي وسيلة معتمدة لدى معظم المؤسسات البحثية في العالم. وكانت النتيجة سلبية بنسبة اقتباس صفر أي أنها ملخصات أصيلة بالكامل.
  • والمعيار الثاني تم استخدام برامج تحري الذكاء الاصطناعي في الكتابة وهي برامج خاصة وغير متاحة للجميع وكشفت النتائج عن 66% من الملخصات فقط بينما صنفت 34% منها على انها أصيلة.
  • والمعيار الأخير كان خبراء وعلماء مراجعة البحوث حيث اعتبروا أن 32% من هذه الملخصات أصيلة واكتشفوا 68% منها فقط, وبناء عليه أنا أرى أن الاستشهاد بالبحوث العلمية كدلالة تقييم للباحث في الوقت الحالي والمستقبلي ماهو إلا شكل من أشكال بيع الماء في حارة الساقين .فكيف لا ؟ وأول ورقة بحثية يعرف فيها بذكر تقنية تشات جي بي تي كمساعد مؤلف نشرت في شهر يناير/ جانيوري 2023 بعنوان

مثال على ال “تشات جي بي تي” في البحث العلمي

فكيف لا ؟ وأول ورقة بحثية يعرف فيها بذكر تقنية تشات جي بي تي كمساعد مؤلف نشرت في شهر يناير/ جانيوري 2023 بعنوان

Open Artificial intelligence platforms in nursing education: Tools for academic progress or abuse?

في مجلة

Nurse education in practic

حيث اعترضت هيئة نزاهة البحث العلمي في بريطانيا عن إدراج تشات جي بي تي ضمن قائمة الباحثين لعدم مسؤوليته عن البحث أو عن أي جزء فيه .كما ادعى رئيس تحرير المجلة أنه خطأ غير مقصود وسعيت إلى تعديله إلا أن هذا يضعنا أمام حقيقة واحدة هي وجوب وضع خطط وأخلاقيات تحجم تدخل تشات جي بي تي في أصالة البحث العلمي ووضع قوانين أكثر صرامة لبيان نزاهة الباحث وحقيقة قدرته  العلمية وعمق المامه في مجاله ربما بالمناظرات والندوات العلمية

لأنه ضعف الباحث سيؤدي حتمًا إلى خلل في البحوث مما يؤثر سلبًا بشكل مباشر في المنظومة التعليمية ككل. والقلق لا يقف على الوضع الحالي فحسب فلا يغفلني الذكر عن أن النسخة الحالية لتشات جي بي تي هي الثالثة, المعتمدة على التعلم من البيانات المخلة حتى علم 2021 , فلنعد جهوزيتنا للاصدار الرابع الذي سيعتمد على الرد المباشر على البيانات لحظة حدوثها.

المراجع

1] https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/36549229/
2] https://www.nature.com/articles/d41586-023-00056-7