تموت اللغة العربية لتحيا لغات بديلة!

اللغة العربية

كلنا فخر بلغتنا العربية، كيف لا وهي لغة القرآن والشعراء والأدباء والعلماء. ولكن هل اللغة المتداولة الآن في الإعلام والحملات الترويجية ووسائل التواصل الاجتماعي هي نفسها اللغة العريقة التي كان يتم استخدامها قبل آلاف السنين؟ للأسف اللغة العربية بشكلها الأصلي العريق تؤول إلى الانقراض وسط عوامل كثيرة تهدد وجودها.

أولاً: الميول لاستخدام اللغة العامية

هناك توجه في الإعلام والحملات الدعائية لاستخدام اللغة العامية لبساطتها وقربها للعامة. وذلك لأن توصيل الرسائل والأفكار أصبح أسهل باستخدام اللغة العامية مما يجعل اللغة العربية الفصحى في خطر. نتيجة لذلك، أصبح الأفراد ينسون كلمات ومفردات لا تعد صعبة في الأساس. ولكن نظرًا لعدم استخدامها بشكل يومي أصبحت بعيدة عن العقل وفي غياهب النسيان. وهذا أمر مثير للاستفزاز لأن اللغة العربية زاخرة بالمصطلحات البسيطة قبل المعقدة والتي توصل المقصود وتعبر عن أي فكرة في كلمة واحدة.

اللغة العربية
يوضح الرسم البياني أعلاه نتائج الطلاب في القراءة والرياضيات والعلوم في اختبار PISA (برنامج تقييم الطلاب الدوليين) 2018 الدولي (البنك الدولي ، 2021). يوضح اختبار PISA الذي أجراه طلاب يبلغون من العمر 15 عامًا أن جميع الدول العربية المشاركة فيه ، سجلت درجات أقل من المتوسط ​​العالمي في القراءة والرياضيات والعلوم.[2]

ثانيًا: زحمة اللغات الأجنبية

أصبح التحدث باللغات الأجنبية شيء مرغوب بطريقة مبالغ فيها. فترى الأهل يمدحون الأطفال الذين يتحدثون لغة أخرى بطلاقة، ولو كان ذلك على حساب لغتهم الأم. كما تستطيع لمس هذا الأمر تحديدًا في المدارس الدولية والخاصة وبالأنظمة التعليمية بشكل عام، حيث يوجد ضعف مرعب ومثير للقلق في مستوى اللغة العربية للطلبة.

لماذا لا نمدح الاطفال الذين يستطيعون التعبير عن أفكارهم باللغة العربية الفصحى؟ لا يوجد أسمى وأعرق من اللغة العربية. هذا العزوف عن استخدام اللغة في وسط الآباء يهدد اللغة العربية الفصحى ويجعل استخدامها للأبناء بعيدًا عن المنال.

اللغة العربية
ومثالاً على ذلك تشير الإحصائية أعلاه إلى رأي الشباب العربي حول استخدام اللغة الإنجليزية بدل العربية بشكل يومي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من عام 2015 إلى عام 2017. خلال فترة مسح عام 2017 ، وافقت نسبة 54 بالمائة من الشباب على استخدامهم للغة الإنجليزية أكثر من العربية بشكل يومي.[1]

ثالثًا: تدني الانتاجات الفنية الناطقة بها 

قلائل هي الانتاجات الفنية المتداولة باللغة العربية الفصحى. فعدا عن المسلسلات الكرتونية والتاريخية في رمضان، لا يوجد انتاجات فنية تعزز استخدامها. أصبح الاطفال يميلون لمشاهدة المسلسلات الكرتونية باللغة الانجليزية. وذلك وسط تشجيع الآباء الذين يفضلون نطق ابنائهم لها بدلاً من التركيز على تقوية لغتهم العربية. 

ومن الجدير بالذكر أن الانتاجات الفنية الموجهة للآباء أو للفئة العمرية الأكبر أصبحت تحبذ وجود جنسيات عربية من كل قطر ولهجات عامية متعددة. وهذا التوجه يهدد اللغة العربية التي تجمع بين كل هذه الأقطار.

يعتريني حزن شديد على هذه اللغة التي يتم وصفها بالصعبة رغم سلاستها. كما يؤسفني حقًا عزوف العديد عنها رغم فخامتها وتعدد مفرداتها ومصطلحاتها. في ظل استمرار هذه العوامل المدمرة، لغتنا العربية التي نعرفها ونعتز بها ستموت لتحيا لغات بديلة لا ترقى في المستوى والمضمون.

المراجع

1] Middle East and North African youth: Using English more then Arabic on a daily basis? ,Aug 26, 2020, Statista
https://www.statista.com/statistics/736212/mena-arab-youths-assessment-on-the-use-of-arabic-compared-to-english/
2] Advancing Arabic Language Teaching and Learning : A Path to Reducing Learning Poverty in the Middle East and North Africa
https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/35917