ألم تسأل نفسك من قبل عن الأسباب التي تشح فيها الدراسات المدعمة بأدلة قوية عن التأثير الفعلي للشاشات على الأطفال. نعم هناك إجماع على التأثيرات السلبية لها على الصحة.منها السمنة وقلة النوم وزيادة العدوانية واضطرابات الانتباه والإدراك والاداء الدراسي, إلا أن تأثير الشاشات ما زال مربك للخبراء إلى جانب الآباء على حد سواء.
ففي أي وقت تظهر فيها تكنولوجيا جديدة تميل الآراء إلى إيجاد الأضرار بدلاً من المنافع. وتقول ميلينا أنكافر وهي أستاذة في علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو: ” يمكننا أن نضع توصيات أولية، لكنها تعتمد على أدلة محدودة” وهنا تكمن الصعوبة وذلك لأن الدليل العلمي معتمد على التجربة بشكل كبير. ولا يتم السماح بإجراء تجارب كافية للأسباب التالية:
المحتويات
أولاً: الأطفال أكثر عرضة للضرر
إذا كانت هناك علاقة سلبية لتعرض الأطفال لشاشات أكثر، فلا يتم السماح أخلاقياً لتعريض الأطفال إلى حالة تسبب لهم تغيرات إدراكية سلبية بإخضاعهم لشاشات أكثر. لذلك لا يمكن إجراء دراسة فاعلة، ونتيجةً لذلك معظم الأبحاث المتوافرة لا تقدم دليل فعلي للأضرار.
ثانياً: دراسات الشاشات التي تغير نمط الحياة متعبة للآباء
لقد كان هناك محاولات لإجراء دراسات تحد من استخدام التكنولوجيا للأطفال. ولكنها كانت متعبة للآباء وتتطلب جهداً كبيراً. فمن الصعب على العائلات أن تقوم بتغيير نمط حياتها على المدى الطويل من أجل التجارب العلمية. وبناءاً على ذلك يصعب حصر الدراسة في مجموعة ضابطة.
تجربة شاشات فعلية تم إجراؤها: الفأر في الكازينو [1]
في دراسة تم إجبار الفئران فيها على قضاء طفولتهم في مشاهدة التلفاز لمدة ست ساعات على مدى أكثر من ٢٤ يوماً بشكل متواصل. بدءاً من اليوم العاشر من العمر، تم تعريضهم لموسيقى تغريدات الطيور بصورة متواصلة و لأضواء مشعة ملونة في بيئة تشبه إلى حد كبير كازينو في مدينة فيغاس.
بعد فترة من الراحة مدتها عشرة أيام، تم إعطاء الفئران اختبار المجال المفتوح. وفيه بالعادة، يتم وضع الفئران في مكان مفتوح لتقوم بشق طريقها نحو الحدود الخارجية بحذر. فهي تشتم وتتوقف حتى تسمع وتقيم الوضع.
ولكن على خلاف ذلك، انطلقت فئران الكازينو بنشاط مفرض على الأرض وصارت متوحشة وغافلة تماماً عن المخاطر. وذلك يعطي مؤشرات لمدى خطورة التعرض الكثير للشاشات لا سيما للأطفال في عمر صغير.
مثال: حبات الفول السوداني
قد يكون هناك ضرر فعلي لتعرض الأطفال للشاشات بشكل كبير ولكن هذا الأمر أيضاً يختلف من طفل لآخر. فمثلاً هناك خطر حقيقي في إعطاء الفول السوداني لطفل يعاني من حالة غير معروفة من الحساسية، لكن في حين تناولها طفل مرة واحدة ولم يعاني من أي ضرر، تصبح الخطورة أقل فأقل. فبالنسبة للكثير من الأطفال، الفول السوداني هو مجرد فول سوداني.
في الختام..
بنقص أدلة وافية عن التأثيرات السلبية للشاشات على الأطفال ووجود فروق فردية من طفل إلى آخر, بدلاً من الفزع والارتباك، إن تقنين الوقت الذي يتعرض له الأطفال للشاشات بغض النظر عن إيجابياتها وسلبياتها على الأطفال، يبقى الحل الأمثل وفيه إرضاء لجميع الأطراف.
المراجع |
1] Overstimulation of newborn mice leads to behavioral differences and deficits in cognitive performance, D. A. Christakis,J. S. B. Ramirez,,J. M. Ramirez, Scientific Reports, 2012 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3409385/ |
2]The Art of Screen Time: How Your Family Can Balance Digital Media and Real Life, Anya Komentez, 2018 https://www.amazon.com/Art-Screen-Time-Balance-Digital/dp/1610396723 |