لماذا يعتقد الرجل الشرقي أن المرأة نكدية! 

الرجل الشرقي يعتقد أن زوجته نكدية

إذا تم دفع عملة نقدية في كل مرة يطلق فيها الرجل الشرقي كلمة “نكدية” على المرأة لفاض العالم ثروات. فلماذا تعتبر أكثر الفتيات صفاءًا وضحكًا امرأة نكدية على مر العلاقة الزوجية. إليكم بعض الأسباب التي قد تكون وراء نظرة الرجل الشرقي لها بهذه الطريقة.

أولاً: برمجة المجتمع للمشاعر لكلا الجنسين

هناك مشاعر مبرمجة تم خصها للرجل والمرأة بما فيه إجحاف لكليهما من قبل المجتمع على مر السنوات. فالرجل لا ينبغي له أن يذرف الدموع لأن في ذلك خدش لرجولته. هو المسؤول عن القرارات وعليه أن يكون حازم حتى عندما لا يكون لديه أدنى فكرة عن كيفية التعامل مع ظرف ما، يجمع رباطة جأشه مع أن كيانه يهتز من الداخل. أما المراة فينبغي لها أن تتصرف بهدوء واتزان وأن تكون رومانسية بطبيعتها ذو لمسة رقيقة وصوت أرق حتى عندما تتأجج غضبًا. نفس المجتمع الذي وصف كلام النساء مع بعضهن بالنميمة -ونفاه عن حوارات الرجال التي تفوق ذلك نميمةً- هو نفسه الذي رسم صفة النكد الذي يلاحقها في كل موقف يحدث ضمن إطار الزواج. فأي طلبات تطلبها من زوجها سواءًا كانت من الأساسيات أو الكماليات تصنف تحت خانة التذمر الذي يؤرق الرجل الشرقي المسكين الذي تم تعكير صفوه.

ثانيًا: عدم مراعاة طبيعة المرأة الفسيولوجية

هناك جهل شديد أو ربما إهمال لما تمر به المرأة من تغيرات هرمونية طول حياتها. فالمرأة مختلفة عن الرجل جسديًا وعاطفيًا. فهي تحيض شهريًا ويصحب هذا الأمر أعراض مؤلمة جسديًا وتغيرات هرمونية تلعب بمشاعرها ومزاجها وتجعل دمعتها سهلة لأتفه الأمور. كذلك الأمر بالنسبة للحمل والولادة. حيث لا يوجد مراعاة بما تمر به من مصاعب. على الرغم بأن القرآن شهد لها بأنها تحمل الجنين وهنًا على وهن، أي ضعفًا وشدةً ومشقةً. وبدلاً من أن يقوم الرجل الشرقي باحتوائها والرفق بها، يصف ما تقوم به من أفعال غريبة خلال هذه الفترات بالنكد. متناسيًا ما تمر به من آلام مرافقة لمسؤوليات البيت والأولاد في الوقت نفسه. وكل ما تحتاجه فعليًا منه، طبطبة صغيرة وحضن دافئ وكلمة حسنة عجز أن يقدمها لها.

في أكبر دراسة قام بها مركز Amen Clinics الأمريكي ، قارن الباحثون 46 صورة مقطعية للدماغ من تسع عيادات مختلفة، لقياس الاختلافات بين أدمغة الرجال والنساء. شملت الدراسة متطوعين أصحاء ومرضى. أظهرت النتائج أن هنالك زيادة في تدفق الدم في قشرة الفص الجبهي عند النساء مقارنة بالرجال. مما يفسر سبب ميل النساء لإظهار نقاط قوة أكبر في مجالات التعاطف والحدس والتعاون والتحكم في النفس والاهتمام. كما وجدت الدراسة أيضًا زيادة تدفق الدم في المناطق الحوفية من أدمغة النساء ، وهو ما قد يفسر أيضًا جزئيًا سبب كون النساء أكثر عرضة للقلق والاكتئاب والأرق واضطرابات الأكل [1].

ثالثًا: لا يعتقد الرجل الشرقي أنه نكدي ولا يعترف بأخطائه

يعود الرجل الشرقي إلى البيت بعد يوم عمل شاق طويل وكل ما يريده هو نيل قسط من الراحة وهذا حقه بالطبع. وعلى المرأة مراعاة حقه في رغبته بمساحة من الهدوء وتصفية المزاج. إلا أن معظم الرجال لا يدركون بأنهم نكدين أيضًا. فهنالك العديد من الرجال الذين يعجزون عن الفصل بين العمل والمنزل ويصبون جل غضبهم على الزوجة والأولاد. قد يثير الرجل نوبات من الغضب والنكد مبررًا ذلك بأن يومه كان عصيبًا.

لكنه لا يبرر هذا التصرف من زوجته سواءًا كانت ربة منزل أو عاملة. على الرغم من أنها مضغوطة أيضًا بالأعباء والمسؤوليات التي تثقل كاهلها وتستنزف طاقتها. قد تحتاج إلى متنفس لتعبر عن هذا الثقل ولكن ينعكس هذا الإجهاد والتعب النفسي المرافق لهذه الأعباء بالنكد من وجهة نظر الزوج. لذلك من المفيد للزوجين إيجاد وقت مناسب للتحدث عن ما يعتريهم من هموم وعن ما يتطلعون إليه من طموحات في جو من الصفاء. وحبذا يكون ذلك بعد وجبة لذيذة وبعد نوم الأولاد.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤتي بالإناء فأشرب منه وأنا حائض، ثم يأخذه فيضع فاه على موضع في، وإن كنت لأخذ العرق فآكل منه، ثم يأخذه فيضع فاه على موضع في).[2] موقف يظهر تودّد النبي إلى زوجته في أكثر أيام المرأة حاجة للود والرفق لحالتها النفسية المضطربة [3].
الرجل الشرقي
النكد ليس محصور على المرأة

رابعًا: المرأة متطلبة

المرأة هي ملكة المنزل وهي أدرى بالرعية. أي أنها تعلم احتياجات البيت من مواد تموينية وصيانة واحتياجات الأولاد من مأكل وملبس. وعندما تقوم بمشاركة طلباتها التي لا تكون خاصة بها حتى إلى الرجل الشرقي يتجاوب معها في أشياء ويهمل أشياء أخرى بحسب ما يراه مهمًا. لذلك تلجأ إلى تذكيره وإعادة الطلبات حتى تحرص على تلبية الاحتياجات. يرى الرجل الشرقي هذا الأمر بأنه نكد وإلحاح. والجدير بالذكر أنه يستطيع معالجة الأمر بمناقشة الطلبات والاحتياجات ومشاركة ما يراه أولوية من وجهة نظره وما يجده ثانويًا بما يتفق مع ميزانيته ووضعه المادي. سيجد أن زوجته متفهمة فالحوار المنفتح هو ما تتوق له المرأة وما يجعلها تشعر بقربها من الرجل.

خامسًا: ميل المرأة إلى الحديث أكثر حول مشاعرها

المرأة تميل إلى مشاركة مشاعرها مع زوجها، حيث يشعرها هذا الأمر بالأمان والثقة بالنفس. ويمكن أن يتفق الزوجين على وقت مناسب لتبادل أطراف الحديث. حيث يساهم الحوار المفتوح على الحفاظ على المودة والرحمة وخلق توافق أكبر بين الزوجين. كما يبدد أي صور مغلوطة تتكون لدى الطرفين مما يزيد من التفاهم ومستوى الاحترام في العلاقة الزوجية. النقاشات وإن لم تكن دومًا مرغوبة لها أثر مذهل على حل الخلافات والمشاكل للوصول إلى أرض مشتركة يقف عليها الزوجين بثبات مستعدين لمواجهة عقبات الحياة. فتأجيل حل المشاكل سوف يؤدي حتمًا لنكد وحياة عكرة لا تقتصر على المرأة فقط.

المراجع

1] Gender-Based Cerebral Perfusion Differences in 46,034 Functional Neuroimaging Scans. Journal of Alzheimer’s Disease, 2017
https://www.sciencedaily.com/releases/2017/08/170807120521.htm
2] رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:300، صحيح .
3] عبد العزيز الراجحي ، شرح سنن النسائي، الجزء15، صفحة 6. بتصرّف.