ماذا يتعلم أطفالنا في المراحل الأولى في المدرسة؟

نقوم بإيصال أطفالنا إلى المدرسة يومياً الساعة الثامنة صباحاً حيث يقضون معظم وقتهم هناك ويدور في بالنا سؤال هام. كيف يقضي أطفالنا وقتهم خلال هذه الفترة وماذا يتعلمون؟

ينتقل أطفالنا -عند بلوغهم السادسة من العمر ودخولهم للصف الأول- نقلة كبيرة، من التعلم المبني بشكل أساسي على اللعب إلى التعلم الذي يحكمه المزيد من الضوابط والتعليمات في داخل الصف المدرسي في المراحل الأساسية. بالإضافة إلى ذلك يخضع الأطفال إلى وسيلة جديدة للتقييم من خلال الامتحانات.

هذه القفزة يهابها الأطفال في البداية بسبب انخراطهم بمحيط أكبر مع أطفال آخرين يزيدونهم عمراً وبسبب خضوعهم إلى ضغوطات جديدة من نوعها. ورغم مرونة ولطافة المعلمات في المراحل الأساسية إلا أن الرهبة تستمر حتى يتعود الأطفال على النمط الجديد لحياتهم. وحتى يستوعبوا بأن المدرسة والدوام اليومي هو وضع دائم وليس شيئاً مؤقتاً. 

وتغطي المراحل الأساسية ستة جوانب مختلفة [1]:

١- النمو الشخصي والاجتماعي والعاطفي

المدرسة لديها وظيفة تربوية فهي تساعد الأطفال على تعزيز الثقة بالذات والمواطنة وتعليم مهارات التواصل واحترام المعلم. وكذلك طريقة طلب الأشياء ومعرفة الصواب من الخطأ وطريقة التعامل مع زملائه وأقرانه. وفي العديد من المدارس تُعطى مادة إضافية إجتماعية تعلم الأطفال عن شجرة العائلة والأقارب والجيران والعديد من الأمور المجتمعية الهامة.

٢- معرفة القراءة والكتابة

يتعلم الأطفال في المراحل الأولى تهجئة الحروف باللغة العربية وكيفية القراءة باستخدام حركات الضمة والفتحة والكسرة والسكون وتنوين الفتح والضم والكسر وكيفية تقطيع الكلمة من أجل تلك الغاية. كذلك الأمر بالنسبة للغة الإنجليزية بالإضافة إلى أي لغة أخرى حسب المدرسة. يتم تشجيع الأطفال على المشاركة والتحدث بصوت مرتفع لرفع الثقة بالنفس وخدمة العملية التدريسية.

٣- النمو الحسابي

يتعلم الأطفال قراءة وكتابة وعد الأرقام من ١ إلى ١٠٠ والعد تصاعدياً وتنازلياً بدءاً من أي نقطة والمنازل العشرية والأعداد الزوجية والفردية ومكونات الرقم عشرة. والقدرة على مضاعفة الأعداد وحل مسائل بسيطة مثل الجمع والطرح. والتعرف على الأشكال الهندسية والمساحة والقياس.

إحصائية: في استطلاع قامت به Cambridge Assessment International Education ضم 9397 طالباً حول العالم لمعرفة أكثر المواد المفضلة لدى الطلبة، تبين أن مادة الرياضيات هي الأكثر شعبية حيث اختارها 38% من المشاركين في جميع أنحاء العالم [2].

٤- معرفة العالم وفهمه

من خلال المنهج و التفاعل مع المحيط المدرسي يستطيع الطفل اكتشاف المجتمع وتنمية مهارة الملاحظة وحل المشكلات التي تصادفه خلال تلك العملية. وفي مادة العلوم يتعلم الأطفال عن الحيوانات والنباتات والسلسلة الغذائية ونوع وطبيعة المواد وعن البيئات المختلفة التي تعيش فيها الحيوانات.  

٥- النمو البدني

قد لا نبدي أهمية للتمارين الرياضية خلال الإذاعة الصباحية ولحصة الرياضة الأسبوعية إلا أنها مهمة جداً من أجل تنمية تناسق العضلات والقدرة على التحكم بها. كما أنها تعلم الأطفال كيفية اتباع القواعد والعمل في فرق واللعب بشكل آمن فضلاً على أن الطفل قد يكتشف شغف لرياضة معينة يريد أن ينمي نفسه فيها. 

ماذا يتعلم أطفالنا في المراحل الأولى في المدرسة؟

٦- النمو الإبداعي

يستكشف الأطفال حسهم الإبداعي من خلال الرسم والأعمال اليدوية التي يتعرفون من خلالها على الأشكال والألوان والأنماط. 

٧-التربية الدينية

أما عن التربية الدينية، تختلف المدارس في طريقة توجهها في هذا الشأن فبعض المدارس لديها تركيز عالي على المنهج فقط والذي يتضمن سور قرآنية بسيطة ومعاني المفردات الأساسية لتلك السور. وتعريف عن الخالق وتناول مفهوم الالوهية بطريقة بسيطة والتوجيه للتميز بين السلوك الصحيح والخاطئ. ومدارس أخرى تتوسع أكثر بإعطاء حصة تلاوة يتعلم فيها الأطفال سور قرآن إضافية. ويرجع هذا الموضوع بشكل أساسي للأهل باختيار الأنسب لهم و لأطفالهم في هذا المجال. 

والجدير بالذكر بأن التعليم الديني يساهم بشكل كبير في التنمية الأكاديمية والشخصية للطلاب كما أنه يلعب دوراً رئيسياً في تعزيز التماسك الاجتماعي وفضائل الاحترام والتعاطف، والتي تعتبر مهمة في مجتمعنا المتنوع. كما يعزز النقاش الحضاري والحجج المنطقية ويساعد الطلاب على فهم مكانة الدين والمعتقدات في العالم الحديث[3].

٧-الامتحانات

و لتحديد وتقييم مستوى الطلاب، يخضع الأطفال إلى امتحانات متعددة خلال الفصل الدراسي. الأمر الذي يساهم في قياس الفهم ومعرفة مواطن القوة والضعف بشكل عام في المواد المختلفة. كما يساهم في تمييز الطلبة المتفوقين عن الطلبة الآخرين الذين قد يحتاجون إلى تركيز إضافي من قبل المعلم. أو بذل جهد أكثر من طرفهم وطرف الأهل حسب ظروف كل طفل.

وهناك جدل كبير على الامتحانات بين مؤيد ومعارض فلا شك أن الامتحانات تشكل ضغط على الطالب وعلى الآباء الذين يقومون بدورهم بفرض ضغط أكبر على الأبناء لعلامات أعلى. ويجب أن لا ننسى أن التعلم هو عملية تدريجية تتطور بشكل طبيعي كما يجب أن نكون وسطيين وأن لا نقارن قدرات أطفالنا بالآخرين ونصل إلى إدراك تام بأن الأطفال متفاوتين في النقاط الذين يتميزون بها. 

وأخيراً، كأباء تقع علينا مسؤولية معرفة ما يجري في حياة أطفالنا المدرسية. إما من خلال الحوار المباشر مع الطفل وسؤاله عن يومه أو عن ما تعلمه في المدرسة بشكل يومي. بالإضافة إلى مراقبة تصرفاته وحركاته الجسدية على حد سواء وذلك لأنها قد تعطي مؤشر لوجود مسألة مقلقة بين الحين والآخر قد تحتاج منا إلى متابعة مع المدرسة.

المدرسة هي عنصر هام في حياتنا وعلينا أن نكون منخرطين أكثر في أمورها من أجل سلامة أطفالنا البدنية والعقلية ومن أجل تأسيس أكاديمي قوي.

المراجع
1] A Parent’s Guide to Primary School – By Katy Byrne and Harvey McGavin ,2004
https://www.amazon.com/Parents-Guide-Primary-School-Education/dp/0826473792
2] Students Favorite Subjects Around the world
https://www.cambridgeassessment.org.uk/our-research/data-bytes/students-favourite-subjects-around-the-world/
3] Religious education: realising the potential October 2013, No. 130068 – Ofsted
https://assets.publishing.service.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/413157/Religious_education_-_realising_the_potential.pdf