ما هي الأحلام التي زرعتها أميرات ديزني في نفوس بناتنا!

أميرات ديزني

عندما كنت طفلة صغيرة، كنت أشاهد أفلام ديزني دون التعمق في المعاني والرسائل التي كانت تعبأ دماغي آنذاك. ولكن مؤخراً وعندما صِرت أماً لطفلة تبلغ من العمر 6 سنوات. أصبحت أركز أكثر في الأفلام والمسلسلات الكرتونية التي تتابعها ابنتي. وأدركت أنني دائماً أطلب من ابنتي دون وعي، أن تتشبه بالأميرات في طريقة سلوكها وأدبها وألفاظها وصوتها, ولكن إلى أي نوع من الأميرات أشير. حيث أن الأميرات المطبوعات في رؤوس بناتنا هن أميرات ديزني. وهنا تكمن المشكلة الحقيقة.

ما مشكلة أميرات ديزني؟

نعم إنهن جميلات،شديدات البياض، رشيقات ، يتمشين بخفة كالسحاب على الأرض، يأكلن بنعومة ويتحدثن بصوت ناعم رقيق ، ويغنين للعصافير ويتأملون في السماء ويستغرقون في أحلام اليقظة. ولكن هذا جل ما يفعلن! حيث أن التفوق والنجاح مغيب تماماً عن بالهن, لأن عقولهم يملؤها التفكير في أمير الأحلام الوسيم الغني الذي سوف ينقذهم من وضعهم المزري. والذي سيخرجهم من الفقر أو من البؤس الذي يخيل لهم أنهم يعيشوه. سوف أعرض لكم عدة أفلام لاستطيع إيصال رسالتي بشكل أوضح.

أميرات ديزني
ساندريلا

أميرة ديزني الأولى: ساندريلا و حذائها الزجاجي

من منا لم يتابع أو على الأقل يعرف قصة ساندريلا التي تزوج أبوها أخرى، بعد وفاة أمها, لتصبح لديها زوجة أب واختين. ولا تبدأ مشاكلها الحقيقة إلا عندنا يتوفى أبوها، فتقوم زوجة أبيها بتحويلها إلى خادمة ليلاً نهاراً. ومشكلتي في هذه الفتاة أنها بدلاً من التفكير في كيفية تغيير وضعها للأفضل من أجل الخلاص من زوجة أبيها وأخواتها اللئيمات. اقتصرت أحلامها بالذهاب إلى حفلة مُنعت من الذهاب إليها. حتى تلتقي بالأمير الوسيم الغني الذي سوف يحبها من أول نظرة طبعاً. والذي يبحث عنها في كل ارجاء المعمورة مستخدماً فردة حذائها الزجاجي التي فقدتها في الحفل.

نعم هذا هو نوعاً ما حلم كل البنات أم أنه حلم تم زرعه في فتياتنا منذ الصغر. ترتفع العنوسة في مجتماعاتنا لأسباب عديدة, واحدة من هذه الأسباب، أن الفتاة تبقى منتظرة لأن تتعرف أو يتقدم لخطبتها، ذلك الشاب المرسوم في خيالها بمواصفات شبه مستحيلة في ظل وضع اقتصادي مزري. لن يستطيع معظم الشباب من معاملتك كالاميرة و تخليصك من وضعك حتى لو أرادوا ذلك, فحتى الطبيب الوسيم يعاني اقتصادياً، والمهندس المسكين أصبح يسعى لأي مهنة أخرى يقتات عليها. فأين سنجد لك أيتها الأميرة شاباً يوازي ما تحلمين به أو ما تم غرسه في دماغك طول هذه السنوات.

يبين الشكل البياني نسبة العنوسة في الوطن العربي وفقاً لإحصائيات، هنا امستردام[1]
في ظاهر الأمر ، تبدو هذه الأفلام الكارتونية ترفيهاً غير ضار ، لكن بعض الباحثين أثاروا مخاوف بشأن الدروس اللاشعورية التي تحتويها أفلام ديزني. ربما كان النقد الأكثر شيوعاً هو الطريقة التي صورت بها الصور النمطية والجندرية والعرقية والثقافية في الماضي.[2,3]
أفلام ديزني
حورية البحر

أميرة ديزني الثانية: حورية البحر وحلمها بأن تصير بشراً

أنا شخصياً أحب هذا الفيلم جداً وأحب الأغاني والشخصيات كلها فيه، حتى الشريره منها, ولكن يبدأ الفيلم بحورية البحر التي ترغب بأن تكون من عالم البشر في البداية لأنها تود الإحساس بقدمين والمشي على الشاطئ وكل هذه الأمور. ولكن ما جعلها مصممة على تحقيق حلمها وتحويل ذيلها إلى رجلين، كان عندما رأت أميراً وسيماً على متن سفينة ونعم أغرمت فيه من النظرة الأولى. على إثر ذلك، تقرر أسر روحها وكيانها للساحرة الشريرة، وتتحرر إن استطاعت جعل الأمير يحبها خلال أيام، ولجعل المهمة أصعب، سلبت الساحرة الشريرة منها صوتها. تخلت حورية البحر عن صوتها وأسرتها وتركت منزلها لتطارد الحلم المستحيل الذي لن يتحقق على أرض الواقع. فما هي الرسالة وراء هذه القصة؟

هل نتخلى عن أنفسنا من أجل شخص لا نكاد نعرفه، والمضحك بالأمر، أن جميع قصص هذه الأفلام تنتهي بنهايات سعيدة دوماً مهما كانت المصاعب.

يظهر اتجاه آخر في فيلم حورية البحر والأفلام الخمسة التي تليها – حيث تتحدث الشخصيات النسائية بشكل أقل. فعلى الرغم من كونها شخصيات رئيسية ، فإن النساء يتحدثن 32٪ فقط من الوقت في فيلم حورية البحر ، بينما لديهم ما نسبته 24٪ فقط من الحوار في بوكاهونتس و 23٪ في مولان. وفي علاء الدين ، نسبة الحوار للشخصيات النسائية 10٪ فقط[4].
أفلام ديزني
الأميرة النائمة

أميرة ديزني الثالثة: الأميرة النائمة التي شاءت الظروف أن تنتظر قبلة الحياة لتفيق من غيبوبتها

قصة تبدأ بلعنة على الأميرة لتنام وتدخل غيبوبة طويلة، منتظرةً قبلة الحب الحقيقي، وأي حب هذا الذي سياتي على حين غرة من شخص مجهول أو التقت به صدفة في الغابة. الحب الحقيقي ليس بنظرة واحدة سببها وجه دون روح. الحب الحقيقي يُخلق من المواقف ومن العشرة وليس مقصوراً فقط على النظرة الأولى. ثم لماذا يكون المنقذ دائماً أميراً وسيماً ثرياً كامل الأوصاف. ألا يمكن أن يكون المنقذ شخص مثقف طموح يحاول بناء نفسه مثلاً. هؤلاء الشباب هم الأمراء الحقيقين الذي يسعون بجد لعمل حياة لأنفسهم ويكونو عائلة من عرق جبينهم.

كيف تنتهي معظم قصص ديزني بزواج من أمير دون التعرف عليه وعلى التعمق في شخصيته، لمعرفة ما إن كان شريك مناسب أم لا. ثم لماذا كل الأميرات مثاليات في الشكل والبشرة والصوت و الشخصية. الأميرة يجب أن تكون بطبعها وأخلاقها وطريقة تعاملها مع المواقف التي تواجهها ومعدنها الحقيقي الذي يظهر مع كل مطب يلاقيها.

كتبت ميا أديسا توبين وزملاؤها في قسم الدراسات الأسرية بجامعة ولاية كولورادو في إحدى الدراسات: “الرمزية هنا قوية”. “لكي تكسب حب الأمير ، عليها أن تتنازل عن أفكارها وفكرها واستقلالها وهويتها”[3].

وفي الختام..

معظم أفلام ديزني القديمة نجحت في زرع صور مثالية لأميرات لا وجود لهم على أرض الواقع. كما زرعت مقاييس خيالية للشريك المثالي المبني على المظاهر والماديات التي لا تدوم. وغرست التسرع في الارتباط من شخص فقط لأنه حسن المظهر ولديه مال دون النظر إلى أخلاقه وشخصيته وجوهره. بالإضافة إلى انعدام الطموحات في عمل شيء خاص للاميرات، بعيداً عن حلم الزواج من أمير.

ولكن بموضوعية معظم هذه الأفلام القديمة، حيث تحاول ديزني أن تغير الصورة النمطية في أفلامها الآخيرة فهناك شخصيات مثل ميريدا وموانا ورايا التي أظهرت أشكال متعددة ومن أعراق مختلفة، عدى الأميرات شديدات البياض. ووجوه ليست دائماً جميلة ولديهم طموحات لا تنتهي. فقوموا بانتقاء الأعمال التي تزرع الطموح والمبادئ التي تتعدى المظاهر الكاذبة والخيالية والبعيدة كل البعد عن الواقع، حتى تصبح بناتنا أميرات من كل الجوانب بإذن الله.

المراجع
1]موقع عمون
https://www.ammonnews.net/article/160097
2] Semantic Scholar, An Argument on Disney and Psychological Development by Madeleine Binkley,M. Binkley,2016
https://www.semanticscholar.org/paper/An-Argument-on-Disney-and-Psychological-Development-Binkley/b2444a5af37d2b4f7f3672b99a6225d06f3e45c6?p2df
3] Journal of Feminist Family Therapy , Images of Gender, Race, Age, and Sexual Orientation in Disney Feature-Length AnimatedFilms, Mia Adessa Towbin ,
Shelley A. Haddock,Toni Schindler Zimmerman ,Lori K. Lund ,Litsa Renee Tanner ,2004
https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1300/J086v15n04_02
4] http://www.kareneisenhauer.org/wp-content/uploads/2016/04/lsa-presenation-d3.pptx