لدي ثلاث أطفال أكبرهم ابنتي التي تبلغ من العمر ٦ سنوات. وأوسطهم يبلغ من العمر سنتين ونصف. وأصغرهم يبلغ ٤ أشهر. ولذلك لكم أن تتخيلوا أن جل ما أشاهده في التلفاز هو أفلام الكرتون ومسلسلات الكرتون في كل الأًوقات.
أصبحت أحب هذا النوع من الأفلام وأحب مشاركة أطفالي متعة المشاهدة. ولكن يؤسفني حقاً أن أفلام الكرتون رغم جودتها العالية وتشويقها وشخصياتها المحببة وأحداثها المحبوكة بشكل أكثر من رائع. بيد أن الذات الإلهية مشوهة بشكل لا يمكن وصفه فيها. ساخذكم في جولة على أفلام الكرتون المفضلة لدى أولادي لنرى الصورة المرسومة للذات الإلهية.
فيلم مدغشقر
من منا لا يعرف الأغنية المشهورة التي أصبح لها نكهة أخرى بعد هذا الفيلم . حتى أصبح ابني الصغير يسمى الفيلم على اسم تلك الأغنية move it move it . الجزء الأول لا بأس به ويشير لفطرة الحيوانات في رغبتها بالحرية والعودة إلى موطنها الأصلي وينتهي المطاف بمجموعة من حيوانات حديقة الحيوان إلى مدغشقر وتبدأ مغامرات ممتعة هناك.
أما بالنسبة للجزء الثاني…
ورغم روعة قصته وكثرة لقطاته المضحكة.إلا أنه تتخلله لقطة عندما تنقطع المياه فجأة من محمية الحيوانات في أفريقيا وذلك ببساطة لأن البشر قاموا بإنشاء سد في بداية النهر. يأتي وقتها الشخصية الأكثر إضحاكاً الملك جوليان بلكنة هندية. ويقترح على الحيوانات أن يقوموا بتقديم قربان للآلهة القابعة في جوف البركان حتى تلتهمه. ومن ثم تأتيهم بالماء بالمقابل.
يبين الفيلم أن الاقتراح الذي قدمه الملك جوليان غير منطقي. إلا أن جميع الحيوانات في المحمية تصدقه وذلك ليأسهم و عطشهم الشديد وتوقهم للخلاص وحل المشكلة. في نهاية الفيلم تعود الماء للمحمية وذلك لأن الأسد أليكس في القصة بمساعدة من صديقه الحمار الوحشي مارتي و الزرافة ميلمان وفرس النهر غلوريا قام بفض السد. ولكن يتهيأ للحيوانات وقتها بأن القربان هو السبب في إزالة غضب الآلهة وإعادة الماء إلى مجاريها. وسرعان ما يكتشفون في النهاية أن المنقذ الحقيقي هو أليكس الذي قام بايجاد الحل.
هذه اللقطة فيها خطأ كبيرة يمس عقيدتنا حيث أن الله وحده ينزل الماء. قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [سورة المؤمنون: 18]
هل تعلم أن 90 بالمئة من الحيوانات والنباتات التي تعيش في مدغشقر لا توجد في أي مكان آخر في العالم وذلك لأن التيارات البحرية القوية عملت على عزل الجزيرة عن القارة الأفريقية مما منع الحيوانات من الانتقال خارج حدود الجزيرة. كما أن حيوان الليمور الممثل في شخصية الملك جوليان في الفيلم هو أكثر الحيوانات شهرة في مدغشقر ويعيش فقط فيها ويمكن إيجاده في كل المواطن في الجزيرة [1]. |
فيلم تنين الأمنيات
وهو من الأفلام التي صدرت حديثاً وتحديداً في عام 2021 ويعكس قيم جميلة جداّ منها أهمية الصداقة و بأنها قد تربط اثنين من خلفيات اجتماعية مختلفة وبأن الأواصر المتينة قد تطغى على الفروق المادية. وهو مشوق ومضحك للغاية ويشبه قصة علاء الدين والمارد السحري الذي يهبه ثلاث أمنيات. ولكن هذه المرة بشكل تنين زهري اللون بصبغة صينية وأجواء شرقية بامتياز.
ولكن أسوأ ما في الحكاية أن هذا التنين كان انساناً من قبل وعقاباً له على أخطائه في حياته الدنيوية الماضية، يتم تحويله الى تنين الأمنيات ويتوجب عليه خدمة 10 أسياد عبر إعطائهم ثلاث أمنيات حتى يدخل الجنة أو ما يسموه في الفيلم “العالم الروحي” و ليتم استقباله بموكب فاخر يليق بمقامه. حيث كان سيداً قوياً وثرياً ومرموقاً عندما كان انساناً وانتهى عهده بالوحدة والمآسي. ولذلك تم عقابه بسبب أنانيته المفرطة وحتى يفهم المعنى الحقيقي للحياة الذي فهمه أخيراً مع آخر سيد خدمه.
التضحية…
ويصور الفيلم ذلك عندما قام التنين بالتنازل عن مغريات دخول العالم الروحي عندما سنحت له الفرصة لذلك والتوسل لحارس البوابة لإعادته إلى الدنيا، حتى يساعد سيده ويعطيه آخر أمنية وهي إعادة إحياء شخص وهذا بحد ذاته شيئاً مرفوض رفضاً قاطعاً. قال الله تعالى ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]
ويصور الفيلم من أول لقطة حتى آخر لقطة الراعي المسؤول عن التنين أو الموصوف بحارس بوابة العالم الروحي في الفيلم، والذي ينزل أيضاً إلى الأرض في آخر لقطة من الفيلم ليهب الابريق المزخرف الذي يأوي التنين لسيد تلو الآخر في الحياة.
طبعاً لا يحلل الأطفال الفيلم بطريقة عميقة ولكن تترسخ قي أذهانهم الصور التي قد تؤثر على التفكير العقائدي.
يعتقد الصينيون أن الموت هو اللحظة التي تفوز فيها الأرواح الشريرة على الروح الطيبة للمتوفى، لذلك كمثال، يشيحون بأنظارهم عن سيارة الإسعاف التي يعتبرونها ملجأ للأرواح الشريرة. وأثناء وقوع حالة الوفاة، يقومون بتغطية المرايا بالشراشف السوداء ظناً منهم أن من يرى النعش من أهل المتوفى عبر المرآة، ستطارده لعنة الأرواح الشريرة حتى تقضي على روحه الطيبة. كما يعتقد الصينيون أن روح المتوفى ترجع إلى بيتها بعد سبعة أيام من دفنه أو حرقه، لذلك يعلق أهل المتوفى راية حمراء على مدخل بيته لإرشاد روحه وضمان عودتها سالمة [2]. |
فيلم رايا وآخر تنين
أنا شخصياً أعشق هذا الفيلم الذي صدر حديثاً لأنه يعكس طبيعة البشر في حب السيطرة ورغبتهم بأن يصبحوا الأقوى. وهو انعكاس لوضع الدول حيث تسعى كل دولة أن تصبح هي العظمى دون الأخرى. نحن دائماً نحلم بالوحدة العربية وباتحاد العالم وما إلى ذلك. وينجح الفيلم بشكل أكثر من خيالي في عكس أنانية البشر. حيث يبين أنهم بوحدتهم في الماضي كانوا يعيشون في رخاء مع وجود التنانين في مملكة كوماندرا.
بعدها ظهر الدرون الأسود الشرير الذي يشبه نفسية البشر السوداء، والذي يتفشى ليحول كل ما يلمسه إلى حجارة. قامت التنانين بوضع كل سحرهم في جوهرة وبذلك قدموا التضحية القصوى لإنقاذ البشر من الدرون الذي حولهم إلى حجارة . ولكن على الرغم من هذه التضحية انقسمت المملكة إلى مناطق وهي الذيل والقلب والناب والظهر والمخلب. بعد سنوات، يقوم والد رايا الذي يؤمن بالوحدة بجمع قادة كل المناطق أملاً في عودة كوماندرا لسابق عهدها وإعادة التنانين ولكن قاموا بالقتال بدلاً من ذلك من أجل الاستحواذ على الجوهرة التي هي آخر أثر للتنانين. تنكسر الجوهرة ويظهر الدرون مرة أخرى ليحولوا العديد من البشر إلى حجارة منهم والد رايا.
تسعى راية مع آخر تنين سيسو لجمع أجزاء الجوهرة من مختلف المناطق وتنجح في ذلك.لكن أين المشكلة في تشويه الذات الإلهية هنا، في لقطة من اللقطات تشير سيسو التنين الأخير إلى أخيها التنين الذي يتمثل سحره في إنزال المطر وهو شيء لا يفعله إلا الله حيث قال الله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 21].
فعلى الرغم من القيم الجميلة التي يعكسها الفيلم وتمثيلهم الرائع لطبيعة البشر إلا أنه أدخل مفهوم يتعارض مع عقيدتنا ويشوه الذات الإلهية.
وفي الختام
هناك العديد من أفلام الكرتون المخصصة للأطفال ومعظم هذه الإنتاجات لا تهدف إلا لإرسال القيم الحميدة وزرع المتعة في نفوس الأطفال والكبار على حد سواء. ولكن دون اكتراث لتعريف الذات الإلهية بما يتناسب مع الأديان السماوية. لذلك يجب علينا كآباء أن نبقى على إطلاع على الأفلام الكرتونية التي يتابعها أطفالنا ونرشدهم إلى الطريق الصحيح. كم أتمنى أن يصبح لدينا أفلام كرتونية مشوقة وتنقل صورة صحيحة للذات الإلهية.
المراجع |
1] موقع kids.nationalgeographic.com https://kids.nationalgeographic.com/geography/countries/article/madagascar |
2] موقع الجزيرة https://www.aljazeera.net/knowledgegate/2018/3/4/الأساطير-في-التراث-الشعبي-الصيني |