العمل عباده وفيه إعمار للأرض ولكن معظم الأفراد لا يتذمرون من طبيعة العمل نفسه، بل من مشاكل أخرى تنغص حياتهم وتستنزف طاقاتهم في مكان العمل. والتي تتعلق بشكل أساسي في علاقتهم بالمدراء والزملاء. وهذه مشكلة جسيمة لأن معظم العمر يمضي وأنت تحت ضوء أبيض على مكتب مثقل بالمهام اليومية التي تتكاثر ومحاط بأشخاص تراهم وتقضى وقتًا معهم أكثر من عائلتك. فكيف تتعرف على النفسيات في مكان العمل حتى تتفاداهم سعيًا لجو أفضل.
وجدت الأبحاث من قسم علم النفس البيولوجي والإكلينيكي في جامعة فريدريش شيلر في ألمانيا أن التعرض للمحفزات التي تسبب مشاعر سلبية قوية – نفس النوع الذي تتعرض له عند التعامل مع الأشخاص السامين – يسبب في اجهاد الدماغ بشكل كبير[1]. |
المحتويات
أنواع النفسيات في مكان العمل
أولاً: الشخص المهم (كلب المدير)
وهو الشخص الذي قرر المدير بأنه المهم بين الفريق وهو بمثابة كلبه المدلل، يمدحه أمام الفريق. كما يهتم لأحواله وأحوال عائلته بشكل ملفت. عدى عن التغاضي عن أخطائه الكثيرة التي لا يمررها لأفراد آخرين والمديح المبالغ فيه لدى أي انجاز بغض النظر عن حجمه وتحجيمه لانجازات أكبر من الآخرين. يحاول الجميع مصادقته بل حتى ارضائه من باب صاحب السعيد تسعد. وفي كل مكان عمل موجود، فكل مدير بحاجة لكلب يربت عليه من وقت لآخر.
يتطبع الشخص المهم بطباع سيده ويستمتع بالخدمات المقدمة إليه من سفرات وترقيات يكون في قرارة نفسه مدرك أنه لا يستحقها. ولكنه يعلم أن عليه السمع والطاعة طبعًا. اكسب ماء وجهك ولا تحاول استمالته وتعامل بشكل طبيعي معه لأن رضا هذا الشخص لا يعني رضا المدير عليك. كما أنه يعلم أن الأشخاص الآخرين يتمنون رضاه فلا تكن مع القطيع ولا تخالف بشكل ملحوظ.
أجرت TalentSmart بحثًا مع أكثر من مليون شخص ، وجدت فيه أن 90٪ من أصحاب الأداء المتميز ماهرون في إدارة عواطفهم في أوقات التوتر من أجل الحفاظ على الهدوء والسيطرة[1]. |
ثانيًا: الشخص المظلوم (حمار المكتب)
هنالك دائما في مكان العمل شخص مظلوم ويعمل مثل الحمار، يحمل أعباءًا ثقالاً طوال النهار بلا تقدير. يتجنبه الجميع فهو بالعادة غير محبوب لأنه يجاري جميع الأشخاص المهمين حوله ويسمعهم ما يريدون سماعه بشكل زائد لدرجة تزعجهم. ويكون كثير النحيب وتشع منه طاقة سلبية سوداء تكاد تكون مرئية.
إياك أن تكون القطعة الطرية التي يتركز عليها لأنك وقتها ستصبح بئر الشكاوى الخاص به. ولا تكن رفيقه ولا تشاركه ما يخالجك من أفكار ومشاعر حول من حولك واصنع حاجزًا كبيرًا بينك وبينه. فهو في تعطش لكلمة حسنه من مديره ويمكن أن يبيعك مقابل بسمة مجاملة منه. وهذا الشخص يصبح هتلر إذا ما شغل مناصب أكبر فلا تشفق عليه على حساب نفسك. جاوبه بجمل قصيرة واقطع الحديث معه حتى لا يسحب الطاقة الإيجابية منك.
ثالثًا: الشخص المحايد السلبي
هناك دائمًا في الفريق شخص لامع ومجتهد ويعمل بجدية. هو وسطي في التعامل فهو يصادق كلب المدير ويتعامل باتزان مع حمار المكتب، مع السخريه منه بين آن واخر في إطار النكته. إلا أنه محايد سلبي بمعنى إن وقعت في مأزق وكنت على حق فمن المستحيل أن يقف بجانبك أمام المدير أو حتى يحامي عنك حتى لو كان على علم بأنك على حق. هو نفسية لتقلبه المستمر مع الآخرين حسب وضعهم مع المدير.
رابعًا: المدير (رأس الحربة)
يعد معظم المدراء نفسيات إلا من رحم ربي لأن وصوله في بيئة تزخر بالنفسيات تتطلب أن يكون مثلهم بل حتى أسوأ، ومن خصائصه:
- أنه يتغنى دائمًا بوحدة الفريق وأهمية العمل الجماعي إلا أنه يعمل على زرع الفتن بين أعضاء فريقه من باب فرق تسد.
- دائم الشك بأن فريقه يتحدثون بالسوء عنه من وراء ظهره وهو الأمر الأكيد فندرة هم المدراء المحبوبين.
- يحاول أن يقلل من المديح والتقدير لأنه يحسب أن هنالك وقت للتقييم ولا يحبذ أن يأخذ الكثير تقييم جيد فهم يريد منحها للأشخاص المهمين لديه ويدون كل موقف على دفتر خاص.
- يشغل الموظفين بأمور واهية ويتعمد جعلهم يرجعون للايميلات السابقة ليبرؤا ساحتهم في مشكلة ما، بدلاً من أن يجد حلاً لها حتى ينقل مسؤولية الخطأ للموظف بشكل كامل.
- يتعمد أن يتظاهر بعدم فهم ما يقول الموظف حتى يزعزع ثقة الموظف بنفسه.
- يتحدث بسرعة ويرفض إعادة ما يقول عند تسليم المهام من مبدأ كلام الملوك لا يعاد.
- يشارك الانجازات والمشاريع مع أفراد معينين من الفريق دون إشراك آخرين من نفس الفريق لدرجة أن يكون أشخاص خارج الفريق على دراية أكبر بما يحدث أكثر من أعضاء الفريق نفسه.
كيف تتعامل معه؟
لا تتنازلوا عن حقوقكم معه خوف إملاق وفي كل مرة يحاول إشعاركم بنقص أثبتوا لأنفسكم بالعكس، وذلك بالعمل الجاد وبإصلاح الذات. وكونوا دبلوماسيين بالقدر الذي لا يتعارض مع كرامتكم فإن فقدتموها دمرتم أنفسكم. وتذكروا أن رزقكم على الله وليس بيد مدير حتى لو وضع هدفه أن يقصيك من منصبك ويسبب لك الطرد.
توصلت الدراسات إلى التأثيرات التالية للنفسيات في مكان العمل:[2] قلة الرضا الوظيفي – زيادة التوتر – انخفاض الإنتاجية – مشاكل النوم – صحة نفسية سيئة – السلوك الوقح معدي – |
هناك أنواع كثيرة للنفسيات في مكان العمل وقد لا يجتمع كل هؤلاء في مكان واحد. ولكن إن اجتمعوا، حاول الحد من الانخراط معهم وركز على عملك. وحاول إيجاد بيئة صحية تتوق للاستيقاظ صباحًا من أجلها. ولا تترك عملك لأجل هذه النفسيات بل من أجل راحتك وصحتك النفسية إن استطعت لذلك سبيلاً. وإن لم تستطع فاتركها على الله فهو المدبر مهما كانت العقبات.
المصادر
1] https://www.themuse.com/advice/12-ways-successful-people-deal-with-toxic-people |
2] https://thriveglobal.com/stories/how-to-professionally-and-effectively-deal-with-toxic-people-at-work/ |