بعد مروري بتجربة ثلاث ولادات تختلف كل واحدة منها تماماً عن التي سبقتها، أدركت أهمية أن تتسلح المرأة الحامل بالقراءة عن كل ما يخص الحمل والولادة، لتعرف بنفسها أهمية الولادة الطبيعية في زمن أصبح فيه المعظم يتغنى بالولادة القيصرية! لا تتبعي التيار وتسلمي نفسك كلياً لأطباء النسائية.
أنا لست ضد الولادة القيصرية بشكل مطلق فقد تكون هي الحل لمشاكل كثيرة، واختصار لتعقيدات صحية قد تلحق بالأم وجنينها بعد الولادة، إلا أنني أستهجن الإقبال الكبير على الولادات القيصرية، فهي أصبحت أمراً عادياً ومرغوباً من قبل الكثيرات من الحوامل، حتى دون وجود أسباب صحية تستدعي ذلك. حيث أظهرت بيانات من 121 دولة بين عامي 1990 و2014 أن متوسط المعدل العالمي للعمليات القيصرية ازداد بنسبة 12.4٪، الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية (WHO) لتكرار مخاوفها بشأن معدلات العمليات المرتفعة بشكل غير مبرر في جميع أنحاء العالم.
إليكِ بعض النصائح التي ستساعدك في زيادة فرصك في ولادة طبيعية وتجنب القيصرية بغض النظر عن ظروفك في الحمل:
أولاً: اختيارك الصحيح لطبيب/ة النسائية
عند اختيار الطبيب عليكِ أن تتحري عن خلفيته وعن تجاربه السابقة في التوليد، فللأسف يلجأ معظم الأطباء في الآونة الأخيرة إلى الولادة القيصرية بشكل غير مبرر مستخدمين حجج جمة منها الخوف على الجنين من نقص الأوكسجين، وتجاوزكِ الموعد المحدد للولادة، وهرم المشيمة، وكبر حجم الجنين، وأن السائل الأمنيوسي أخضر اللون عند الولادة، وعدم توسع عنق الرحم بالسرعة المطلوبة وبالزمن المحدد الذي يريده الطبيب. علماً بأن جميع ما ذكر لم يقف عائقاً أمام الولادة الطبيعية من قبل. والجدير بالذكر أيضاً أن الولادة القيصرية ليست عملية خطيرة مقارنة مع باقي العمليات فهي بسيطة بطبعها وعائدها المادي عالي بالمقارنة مع الولادة الطبيعية. لذلك احرصي على اختيارك طبيباً يشعرك بالراحة ويستمع إليك وإلى مخاوفكِ ويعطيكِ الوقت الكافي في كل مراجعة حمل. وضعي معه خطتك للولادة وما تفضلين أن يتم وقتها.
ثانيا: قومي بتنزيل تطبيق خاص بالحمل
هذه التطبيقات تزودك بمعلومات شهرية عن حملك وحجم الجنين والأعراض التي تزامن كل مرحلة من مراحل الحمل. وذلك سوف يرفع ثقتك بنفسك وينبهك في حال وجود أي مشاكل يجدر حلها. فضلاً عن وجود العديد من المنتديات التي توفر دعم من سيدات أخريات مررن بنفس التجربة ويطرحن الأسئلة نفسها التي تراودك وتدور في ذهنك.
ثالثاً: ثقفي نفسك عن الحمل وأعراضه بالإضافة إلى استشارة الطبيب
بدلاً من الاعتماد التام على الطبيب ثقفي نفسك وابحثي عن الإجابات بنفسك. ستشعرين بعد البحث بثقة أكبر ويتكون لديك رأي ليصبح رأي الطبيب هو الرأي الثاني الذي سوف تستندين عليه في حكمك وقرارك بشأن أي مشكلة قد تواجهك عند الحمل. لا تسلمي كل شيء للطبيب فحتى عند مرورنا بحالات مرضية أخرى نحتاج إلى أكثر من رأي قبل اتخاذ الإجراء المناسب. فتثقيف نفسكِ لا يلغي أهمية استشارة الطبيب وزيارته على الفور عند وجود أي من الإشارات المقلقة.
رابعاً: قومي باتباع حمية معتدلة خلال فترة الحمل
لتفادي تعرضك لسكري الحمل الذي يزيد من احتمالية كبر حجم الجنين والعديد من المضاعفات الأخرى، حاولي الالتزام بحمية معتدلة تلبي حاجاتك الغذائية والأشياء التي تشتهينها من فترة لأخرى. من تجربتي الشخصية في آخر حمل لي، عدم اتباعي لحمية صحية جعلني على وشك أن أصاب بسكري الحمل، وأدى إلى زيادة حجم الجنين بنسبة عالية في الشهر التاسع الأمر الذي كاد أن يؤدي بي إلى ولادة قيصرية، وذلك لأن احتمالية أن ينحشر كتف الجنين في الحوض تزداد مع ازدياد حجم الجنين، مما قد يسبب ضرراً للأعصاب في ذراع الطفل أو قد يؤدي إلى كسر عظم ذراع الطفل أو عظم الترقوة.
خامساّ: قومي بتمارين كيجل والتنفس عند دخولك الشهر التاسع
تمارين كيجل هي حركات تساعد في انقباض وارتخاء عضلات قاع الحوض، وممارستها سهلة جداً للحامل. تساعد تمارين كيجل الحامل على تقوية عضلات أسفل الحوض المهمة جداً في عملية الولادة وتحضر الجسم للمخاض وتجعله أقصر.
كما يقلل أداء تمارين كيجل أثناء الحمل من احتمالية حدوث سلس البول بعد الولادة ويسهل التحكم في المثانة. وهنالك أخصائيات يساعدن في هذه التمارين لتسهيل الولادة إلى جانب تمارين التنفس أثناء المخاض، والعديد من النصائح الأخرى التي تحفز الولادة. أما المشي لساعات طويلة وصعود الدرج ونزوله يساهم في نزول ماء الرأس الذي قد يؤدي لاحقاً إلى نقص نسبة الأوكسجين للجنين.
سادساً: تجنبي الخضوع لتحريض المخاض قبل حدوث الطلق الطبيعي
الأفضل الانتظار حتى تنتهي فترة الحمل في الشهر التاسع، أو الدخول في الشهر العاشر، أو حتى يأتيكِ الطلق الطبيعي معلناً بداية المخاض. ويفضل التوجه للمستشفى عند تقارب الطلقات وعندما تفصل ٥ دقائق بين كل انقباضه والأخرى مع العمل على أخذ شهيق يتبعه زفير بطريقة منتظمة للمساعدة على توسع عنق الرحم في هذه الأثناء.
برايي لا داعي للدخول إلى المستشفى قبل ظهور أي أعراض للولادة لأن ذلك يؤدي إلى زيادة نسبة الولادة القيصرية. فعندما يتم إنزال ماء الجنين أو تفجير كيس الماء المحيط بالجنين وإعطاء طلق صناعي، ينقص الأكسجين المزود للجنين ويمكن ألا يصحبه التوسع المطلوب خلال الفترة الزمنية المتوقعة من قبل الطبيب، الأمر الذي يسبب ألماً أكثر من الطلق الطبيعي وولادة قيصرية في نهاية المطاف. لذلك حتى عند بدء المخاض لا تسمحي للممرضات بإنزال ماء الجنين باكراً لأن وجودها لفترة أطول يعطي فرصة للحامل بأن تمر بالانقباضات اللازمة للوصول لتوسع كامل.
وبعد أن تقومي ببذل كل جهدك لتسهيل ولادتك، تضعين ثقتك الكاملة في رب العالمين وثم طبيبك لإجراء اللازم أملاً في عدم حدوث أي مضاعفات خارج إرادتك. وأما عن أخذ إبرة الظهر لتخفيف الألم عند الولادة فتعتمد على قدرة كل امرأة ومدى تحملها للألم وشخصيتها، فأنا أحب أن أشعر بالسيطرة على مجريات الولادة وأحب أن آخذ أنفاساً منتظمة، شهيق عميق يتبعه زفير مع كل طلقة لزيادة التوسع الأمر الذي يؤدي إلى ولادة أسرع ومخاض أقل ألماً.
وفي النهاية وبغض النظر عن نوع الولادة التي يختارها الله لكِ، أهم شيء هو سلامتك وسلامة الجنين. الولادة القيصرية رغم الآلام الشديدة التي تسببها بعد الولادة هي حل للعديد من المشاكل التي عرضت الكثير من الأمهات في الماضي لخطر الوفاة. نسأل الله أن يتمم ولادة كل امرأة على خير لتحتضن جنينها وتغمره بصحة وسلامة.