موضوعنا اليوم عن شخص يدعى أبو فلة وما جعلني أفكر به هو المنخفض الذي قَدم إلى الأردن. فأخيراً جاءنا خبر المنخفض الذي ينتظره الجميع مُحملاً بزخات من الثلوج. وكالعادة يهرع الجميع عند سماع الخبر إلى المخبز لشراء الخبز وإلى السوبر ماركت لشراء الحاجات الأساسية ولوازم الأمسية الثلجية…من مكسرات وحلوى و كستناء. وعلى الرغم من تصريح النشرة الجوية الواضح، بأنه لن يحدث تراكم للثلوج، نبقى على أمل أن تستمر العاصفة طوال الليل حتى نستيقظ ونقفز للنافذة لنشاهد اللون الأبيض على مد البصر.
أعتقد أن حماسنا من أجل الثلج ليس من أجل الثلج نفسه، وإنما للذكريات التي صاحباتنا معه. فعلى ما أذكر منذ أن كنت صغيرة، كان الثلج مقرون بلباس العروس الأبيض في بث النشرة الجوية على القناة المحلية. تصف بأن المدينة ارتدت اللباس الأبيض، ولكن بالنسبة للعديد الثلج ليس عروساً وإنما شبحاً أبيض. يسرق منهم دفء أجسامهم حتى تخبو شيئاً فشيئاً..
وهكذا هو الأمر بالنسبة للاجئين وبالأخص قاطني المخيمات الذين يعانون ما يعانون في فصل الشتاء. فهم يعيشون في مأوى لا يقي من برد الشتاء القارس. وبين براءة أطفالهم الذين يتحمسون للثلج وقلق ذويهم من الاستمرار في ظل هذه الظروف القاسية. تأتي مشاعر الحزن لتطغى على مشاعر السعادة. وهنا جاء بطلنا أبو فلة…
رغم قيود السفر المرتبطة بجائحة كورونا، بحلول شهر تشرين الثاني الماضي ارتفع عدد المهاجرين واللاجئين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم إلى مستويات قياسية في عام 2021. حيث أجبر أكثر من 84 مليون شخص على ترك منازلهم بسبب الصراعات والاضطهاد وفقاً لبيانات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين [3]. |
حملة أبو فلة لأجمل شتاء في العالم
في عملي السابق في مفوضية شؤون اللاجئين شهدت المآسي التي عاشها اللاجئين تحت وطأة الظلم والعنف. والآن يعاني من ظلم الظروف الجوية ويقشعر برداً، لذلك لكم أن تتخيلوا كم أثلجت قلبي حملة أبو فلة بعنوان “أجمل شتاء في العالم”، والتي هدفت لجمع مبلغ 10 ملايين دولار من أجل تقديم العون وبالأخص لمستلزمات الشتاء ل100,000 عائلة لاجئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بدأت الحملة يوم الجمعة الموافق 7 يناير عن طريق بث مباشر على قناة أبو فلة على اليوتيوب واستمرت ل11 يوماً. تم إطلاق هذه الحملة بالتعاون مع مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية وبدعم من الشبكة الإقليمية لبنك الطعام،و المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
أبو فلة هو اليوتيوبر حسن سليمان وهو من مواليد الكويت مجهول الجنسية، ويبلغ من العمر 23 عامًا، بدأ حياته في مجال اليوتيوب وهو ابن الـ17 عامًا، وتحديدًا في أوائل العام 2016مـ، وقام بافتتاح قناة خاصة بألعاب الفيديو، وساعده في ذلك شخصيته المُضحِكة أثناء اللعب والتي جعلت الأطفال قبل الكبار ينجذبون إليه وإلى ما يُقدمه عبر اليوتيوب، وقد زاد عدد مُتابعيه بكثرة مع كُل عمل خيري يقوم به حينما يصِل إلى عدد مُتابعين جديد عبر القناة. [1] |
ما يميز الحملة
والمثير بالأمر أن أبو فلة عزم على حجز نفسه في غرفة زجاجية بعرض 5 متر وطول 5 متر في برج بلازا في مدينة دبي وتعهد على عدم الخروج منها حتى يصل إلى المبلغ المطلوب، وهذا التحدي لم يشجع فقط متابعيه بل تجاوز ذلك ليصل إلى قلوب الجميع، والجدير بالذكر أن هذه الحملة ليست الأولى لأبو فلة حيث قام قبل ذلك بجمع مبلغ مليون دولار خلال 48 ساعة فقط.
أثبت أبو فلة من خلال هذه الحملة أمران، الأول بأن الشهرة قد تعود بالخير الحقيقي على المجتمع والثاني بأن عمل الخير ليس حصراً على فئة معينة دون أخرى. فأبو فلة هو يوتيوبر كويتي ومحتواه ألعاب الفيديو بشكل أساسي والتي ما زال يعتبرها البعض مضيعة للوقت.
انجازات الحملة
تمكنت الحملة من جمع مبلغ 11 مليون دولار ومساعدة 110،531 عائلة لاجئة وبلغ عدد المتبرعين 155،065 متبرع[2]. وهو أكثر من الهدف المستهدف. كما دخل أبو فلة لموسوعة جينيس للأرقام القياسية لصاحب أطول بث مباشر.
ومن هذا المنبر ما فعله أبو فلة هو رسالة لمؤثر التواصل الاجتماعي وصانع المحتوى في العالم، فبغض النظر عن المحتوى التي تقدمه فأنت تستطيع أن تصنع المعجزات وتصبح ناشط اجتماعي قادر على فعل ما لم تتمكن مؤسسات بكادر كامل فعله.
المراجع |
1] موقع المرجع https://almrj3.com/who-is-abu-fella/ |
2] موقع مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية https://mbrgi.ae/WarmWinter/ar/ |
3]موقع أخبار الأمم المتحدة https://news.un.org/ar/story/2021/12/1090692 |