مع دخول ابنتي ذات الست سنوات للمدرسة، بدأ مشوار جديد من نوعه. مشوار سوف يستمر للأعوام الاثني عشر القادمة وربما أكثر من ذلك.
لا يوجد أحد يستطيع تحضيرك للمرحلة القادمة سوى نفسك. فحتى أقراننا من نفس الفئة العمرية في حيرة شديدة من أمرهم بخصوص هذا الموضوع. والجيل الذي سبقنا لديه معتقدات مختلفة تماماً قد لا تواتي زمننا الحالي الذي جدت فيه قضايا لم تكن مألوفة من قبل. ومع تحول العملية التعليمية إلى التعلم عن بعد بسبب تهديد فيروس كورونا. أصبحت الحاجة ملحة علينا كأهل أكثر من أي وقت سابق بأن نصبح على اطلاع وإلمام أكثر لطرق التدريس. وأن نستوعب دورنا الحالي في العملية التدريسية إلى جانب المدرسة.
خلال خمسين دراسة متنوعة حول مشاركة الوالدين في العملية التدريسية، وجد الباحثون التربويون علاقة بين مشاركة الأهل والتحصيل الأكاديمي [1]. كما أخذت مجلة Newswire 2010 دراسة لعينة من ١٣٠٠ طفل من عشر مدن أمريكية ووجدت أنه عندما عزز الآباء مشاركتهم في الأنشطة المدرسية للأطفال، انخفضت مشاكل سلوكهم [2]. |
لذلك لا يمكن تجاهل الدور المهم الذي يلعبه الأهل في العملية التدريسية. وإليكم ٦ أمور ستساهم في عملية تدريسية أكثر كفاءة:
١- تخصيص مساحة خاصة في المنزل للتدريس
لا يهم إن كان منزلك واسع أم لا. ما يهم هو تخصيص مساحات معينة لوقت الدراسة بعيدة عن الملهيات أو الضوضاء. حتى يستطيع الطفل الجلوس بتركيز دون حراك. في بادئ الأمر يصعب على الأهل إرغام الطفل على الجلوس دون تشتيت لمدة طويلة. ولكن مع الوقت تصبح الدراسة مثل الأكل والشرب والنوم. مندمجة تماماً مع الروتين اليومي.
٢- مراجعة ما أخذه الطفل خلال اليوم الدراسي
بعد عودة الطفل من المدرسة وقيامه بالاغتسال وتغيير الزي المدرسي. وبعد إعطاء الطفل ساعة ترفيهية يشاهد فيها التلفاز أو يلعب كما يشاء. وبعد تناول وجبة غذاء مشبعة. يأتي موعد الدراسة في وقت محدد كل يوم. يستشعر من خلالها الطفل بأهمية الدراسة لتصبح جزءاً لا يتجزأ من يومه. إن مراجعة المنهج بشكل دوري والدراسة أولاً بأول تساهم في التخفيف على الطفل. وخاصة وقت الامتحانات وتساعد في تأسيس أقوى وتثبيت أفضل للمعلومة.
٣- التكرار يعلم الشطار ومع التدريب يأتي الإتقان
التكرار هو أحد مفاتيح تحسين الذاكرة وتعزيز الدروس في العقل. فكلما كرر الطفل الدرس كلما كان تذكره له أفضل. كما أن الممارسة هي أفضل طريقة لترسيخ المعلومات في الذاكرة ليتم استعادتها عند الحاجة. عندما كنا أطفالاً، كان تعلم ربط حذائنا من المهمات المستحيلة ولكن مع مواصلة قيامنا بذلك تعلمنا الكيفية [3]. لذلك التكرار مهم جداً في حفظ معظم المواد الأدبية والعلمية مع الفهم. كما أن الممارسة وحل أكبر عدد ممكن من المسائل الحسابية يعد أفضل طريقة لتثبيت المعلومات في الذاكرة طويلة المدى.
٤- إعطاء فترات راحة متعددة خلال التدريس
أثبتت الدراسات أن فترات الراحة كل ٢٠-٣٠ دقيقة تساهم في الحفاظ على التركيز وشحن الطاقة. ومن المثير للاهتمام أن الدماغ وقت الراحة يظل مشغولاً بمعالجة المعلومات وترتيب ما تم تعلمه ونقل المعلومات الهامة من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى [4]. لذلك، عندما يقوم الطفل بأخذ وقت أطول من المعتاد لحل مسألة حسابية تأخذه ٥ دقائق بالعادة. فهذا مؤشر مهم لحاجته لوقت مستقطع. فبدلاً من إضاعة الوقت في شرح المسألة للطفل مجدداً. وفقدان الصبر والأعصاب خلال القيام بذلك. فإن إعطاء الطفل مجال لغفوة سريعة ونيل قسط من الراحة كفيل بتثبيت المعلومة ورفع الهمة.
٥- التواصل الفعال مع معلم الصف والمدرسة
في حالات كثيرة اختلاف أسلوب التدريس بين معلم الصف والأهل يخلق فجوة قد تؤثر سلباً على العملية التدريسية. ففتح الحوار بين الأهل ومعلم الصف وإقامة علاقة طيبة مع المدرسة سيدفع تعليم طفلك للأمام. ويساهم أيضاً بشكل كبير في تقليل الإرتباك الذي يمكن أن ينشأ لدى الطفل عند إيصال نفس المعلومة.
هناك طرق متعددة لإيصال نفس المعلومة. وفهم الطريقة التي يعتمدها المعلم لإيصال المعلومة في المواد المختلفة يساهم في تثبيت المعلومات المتلقاة وتقليل التشويش عند الطفل. كما يساهم أيضاً على إيجاد مواطن الضعف في فهم الطفل. مما قد يستدعي إعادة لنقطة ما أو تركيز إضافي من قبل المعلم. فكثيراً ما يكون الطفل على فهم تام للمادة. ولكن بسبب تباين أسلوب التدريس بين الأهل والمعلم، قد يبدو بأن هنالك ضعف في غير محله. هذا اللبس والخلط حله التواصل المباشر والفعال مع المعلم والمدرسة.
ومن الجميل بالأمر بأنه في زمننا هذا، لا يهم تواجدك البدني لتبادل المعلومات اليومية. حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل فاعل لتسريع وتسهيل التواصل والوصول لأي مشكلة. وحلها بسرعة وبفعالية غير معهودة من قبل. وهذا الأمر لا يقلل من أهمية اجتماع الأهل الذي يلزم تواجدك من أجل مناقشة القضايا الهامة. وتحديد الجوانب التي تحتاج مساعدة إضافية لطفلك في المنزل.
٦- إعطاء مكافآت للإنجازات على اختلاف حجمها
الطفل الصغير بحاجة إلى نظام تحفيزي للدراسة. إعطاء المكافآت من وقت لآخر لا يؤثر سلباً على الطفل. بل بالعكس يشجعه ويحببه في الدراسة وهذا هو المطلوب في المرحلة الابتدائية. ولا يشترط بالمكافآت أن تكون فقط مادية مثل الهدايا والحلوى. بل أيضاً تشمل المكافآت النفسية. كعناق بعد حل ناجح لمسألة أو رقصة صغيرة. أو ما يتطلبه الأمر اعتماداً على شخصية طفلك. هذه اللفتات مهمة جداً للطفل وتعطيه دفعة خيالية من أجل المتابعة في بذل جهد أكثر في الدراسة. والجدير بالذكر أن المكافآت يجب أن تتناسب طردياً مع حجم الإنجاز والمهمة.
وفي النهاية ، أود الإشارة إلى أن التدريس رغم صعوبته ومشقته يضيف لنا كأهل مهارات جديدة. كما ينشط ذاكرتنا ونستعيد من خلاله ما تعلمناه خلال مراحل دراستنا. أتمنى أن يرزقنا الله الصبر في هذا المشوار الطويل. عسى أن يكون النجاح من نصيب أولادنا ومآل جهودنا المبذولة من أجل فلذات أكبادنا.
المراجع |
1] Hill, N. E., & Tyson, D. F. (2009). Parental involvement in middle school: a meta-analytic assessment of the strategies that promote achievement. Developmental psychology, 45(3), 740-63. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2782391 |
2] Newswire, Ivanhoe (2010) Parent involvement is equal to Better Students. Child development 5,6, 2010. https://bohatala.com/the-effect-of-parental-involvement-in-the-academic-achievement-of-their-children/ |
3] Memorize.org – Memory is repetiotion and Reinforcement https://memorise.org/brain-articles/memory-repetition-reinforcement |
4] Eduthopia.org – Brain Based Learning – 7 Guiding Principles for Parents Teaching From Home https://www.edutopia.org/article/7-guiding-principles-parents-teaching-home |