قبل الحديث عن قضايا الرأي العام ودورها في تسليط الضوء على القضايا المجتمعية، دعونا أولاً نتعرف على مفهوم الرأي العام.
المحتويات
ما هو الرأي العام؟
هو تكوين فكرة أو حكم على موضوع أو شخص ما، أو مجموعة من المعتقدات القابلة للنقاش. وبذلك يتم ترتيبها والحديث عنها وتقييمها بصحيحة أو خاطئة. فتظهر على العلن فيما يخص ذلك، فيتناقش فيها أعضاء أو جماعة أو أمة تشترك أو تختلف في الرأي. حيث يتشاركون في تقييم السلوكيات والمواقف ووضع بعض السمات المتغيرة على تلك التصرفات رغم التباين المجتمعي الطبقي أو الثقافي أو الاجتماعي. فيعرض الموضوع على الساحة فتتباين الآراء حوله بين مؤيد ومعارض ومحايد فتتصل الصورة وتنتقل وقد تتغير المفاهيم تباعاً بناءً على الطرح السائد المتداول.
يعتمد عدد الأشخاص الذين يشكلون آراءهم حول قضية معينة وكذلك أنواع الآراء التي يشكلونها:[1] جزئيًا على مواقفهم المباشرة وجزئيًا على عوامل اجتماعية وبيئية أكثر عمومية وجزئيًا على معارفهم ومواقفهم وقيمهم الموجودة مسبقًا وذلك نظرًا لأن المواقف والقيم تلعب دورًا حاسمًا في تنمية الرأي العام ، فإن الباحثين في هذا الموضوع يهتمون بطبيعة الحال بطبيعة هذه الظواهر ، وكذلك بطرق تقييم تنوعها وشدتها. |
دور الإعلام والصحافة في تكوين الرأي العام
وكما رأينا في الآونة الأخيرة فقد اتسعت هذه الرقعة ولا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن ننكر دور الإعلام والصحافة في تنميط وتشكيل الآراء. فقد أضحى دورها أكثر نشاطاً وفعالية بين مطرقتي الحكومة والرأي العام. إلا أنها محافظة على أهميتها حتى تحت سماء الإعلام الرقمي. فمع اتساع الصورة فتحت أفاق جديدة بوضوح أكبر، كما هو شائع.
ومن أهم الطرق للحصول على الخبر وما وراءه بعمق عبر هذا العالم، وسائل الإعلام المختلفة والتي تداخلت بعيدًا عن نمطية الأخبار. ومع أبواب الألفية الجديدة ونشاط وسائل التواصل الاجتماعي وتعدد المناخ المجتمعي السائد في الحصول على الفكرة والتعاطي معها. لم يعد الموضوع مقصوراً على أصحاب العلاقة بالقضية المطروحة أو منوطاً بجهة حكومية أو قانونية، بل أصبح بيئة خصبة للتباين وابداء الرأي. وأصبح الأمر ملحوظًا، حتى في آلية تبادل الآراء، فبدلاً من الاجتماعات وحصرية التداول أصبح الموضوع مفتوحاً أكثر وغير قابل للسيطرة. فلم يعد مقصوراً على التقارير الاستقصائية بل بدأ يمس قضايا شائكة لم يتم الاضاءة عليها سابقًا وإظهارها بطريقه مختلفة.
أسباب انتشار القضايا الشائكة الأخلاقية وظهور الرأي الآخر
وقد ازدادت وتيرة انتشار القضايا مع وجود تفاعل مجتمعي يدفع الناس إلى متابعة مواقع التواصل الاجتماعي لعدة اعتبارات. منها للتسلية والترفيه، أو بحثاً عن المعلومة. حتى وإن كانت نسبة كبيرة منها غير دقيقة ولا تحمل معلومة حقيقية. والهدف من نشرها مجاراة الحدث والتداخل الاجتماعي الذي يحدث ما بين الواقع الحقيقي والافتراضي.
ولعل الموضوع قد بدأ يأخذ منحى آخر بطريقة سلبية من وجهة نظري للقضايا الشائكة الأخلاقية التي أصبحت الإضاءة عليها سبيلاً للتعاطف. خاصة مع وجود مفاهيم جديدة لم تظهر سابقاً واختفاء الرادع الأخلاقي بصورة سافرة فتظهر ليتم مجاراتها لمن يحمل الرأي الآخر فيها.
مثال: موضوع المثلية الجنسية
فمثلاً موضوع المثلية الجنسية لاحقاً لمواضيع أخرى قد تم تسفيرها من قضية خاصة لا يمكن الحديث عنها إلى قضية يتم تداولها بطريقة عادية. يتم الحديث فيها بشكل مستمر مما جعل هذه الفئة تشعر بأهميتها خاصة مع حملات التعاطف العالمية من جهات مؤسسية ودولية. وبدلاً من جعل هذه الأفكار (مكمكمه) وغير قابله للنقاش. أصبحت من قضايا الرأي العام وأصبح التعاطي فيها والاعتراف فيهم كأفراد طبيعياً. رغم رفض العرف والأخلاق والدين وحتى الطبيعة الإنسانية لهذه الأفكار إلى أن الاعتداء فيها على حقوقهم يدخل في باب الحريات!
تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تحولًا كبيرًا وسريعًا نسبيًا في اتجاه دعم أكبر للمساواة بين المثليين والمثليات. ومع ذلك ، فإن بعض شرائح السكان ، بما في ذلك أولئك الذين يمكن الاعتماد عليهم عادة لدعم حقوق ضحايا التمييز ، لا يزالون يحتفظون بالتحفظات بشأن منح المثليات والمثليين من الرجال المساواة الكاملة.[2] |
توظيف الرأي العام لمصالح شخصية
الخلاصة أصبح الرأي العام يوظف على نحو لافت لخدمة قضايا معينة دوناً عن غيرها. ورغم عدم تحري الدقة والموضوعية واستجداء التعاطف، إلا أننا نعاني من تغييب العاطفة والعقل في قضايا أكثر أهمية تحتاج منا إلى وقفات أكثر جدية من المواضيع التي تطرح اليوم على الطاولة.
لا أعلم لماذا يسير الرأي العام ويغيب في نواحي تحتاج منا إلى علاج وإبداء الرأي وتسليط الضوء. أصبحنا في عالم ممنهج لخدمة المصالح الشخصية أكثر من المصالح العامة. حتى في مسؤولية الاعلام، نحن نحتاج لإعادة صياغة والتفكير في تمكين العقل لمعالجة المشاكل الحقيقة بدلاً من القضايا الغير أخلاقية واضحة المعنى والقصد والهوية.
مجال التربية الإعلامية
في النهاية لا يسعنا القول إلى أن الدور الأكبر منوط في فئة الشباب لتغيير الأدوات التي تستخدم للتعبير. وأن يكون هناك تركيز على مجال التربية الإعلامية. كما يوجد حاجة أيضًا، للتعامل المبني على الكفاية العقلية مع التكنولوجيا وأدوات النشر، ومن مختلف الجهات الاجتماعية والتشريعية. كما يجب مراقبة المحتوى بشكل كافٍ. إذ إن أخذ المنحى السلبي في القضايا يؤثر على الأجيال من النواحي التربوية وقد يتحول إلى سلوك جماعي وبعيد عن المنهجيات السليمة، والتطلع نحو فكر مبني على القيم وتعزيز الجوانب الإيجابية.
المراجع
1] public opinion, By W. Phillips Davison |
2]Public Opinion and Discourse on the Intersection of LGBT Issues and Race,The opportunity agenda |